قال أحد العلماء الصادقين العاملين
قال أحد العلماء الصادقين العاملين
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيّد المرسلين وإمام المتّقين وخاتم النّبيين نبينا محمد وعلى إخوانه من الأنبياء والمرسلين وءاله الطيبين الطاهرين.
أما بعد، فقد قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}. إن الله تعالى أثنى في هذه الآية على المؤمنين الذين هم متصفون بهذه الصفات، الإيمان بالله ورسوله اعتقاداً ويقيناً والجهاد في سبيل الله بالمال والأنفس لحفظ الدين على المسلمين ولنشر دينه كما قال تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ}.
ثم هذا الجهاد الذي الغرضُ الأصليُ منه هذان الأمران متوقّفٌ اليومَ لتداعي الكفّار على المسلمين حتى اكتنَفُوهم من جميع الجهات، فنحن اليوم معذورون بترك ذلك لكن بقي جهاد ءاخر وهو الجهاد بالبيان أي بيان الأدلة التي تُدفع بها شُبَهُ المخالفين لأهل السنّة بالأدلة النقلية والعقلية لإبطال شبَههم وتمويهاتهم وهذا فرضٌ مؤكدٌ القيامُ به، فمن قام بهذا الواجب العظيم ببذل أوقاته ومالِه فهو مجاهد كالمجاهد الذي بذَل مُهجَتَه لنصرَةِ دين الله ومن لم يستطع القيامَ بهذا الفرض ببيان الأدلّة الشرعية لقصُور فهمه وقام بمساعدة من يقومون بذلك بماله فقد أدّى الواجب وقام بما افترضَ الله عليه أمّا من تقاعسَ عن ذلك مع المقدرة فقد عرّض نفسَه لعذاب الله وقد تصيبُه عقوبةٌ في الدنيا قبل الآخرة جزاءً له على ترك القيام بهذا الغرض لأنَّ هذا الجهاد الذي هو جهادٌ بالبيان ومساعدة من يقوم بهذا الجهاد بطريق البيان كالمجاهدين الذين ذُكِروا في هذه الآية المذكورة ومن لم يقدر على هذا الجهاد بالبيان فساعد بماله في تأدية هذا الواجب فكأنه جاهد بالبيان لأنه في معنى الحديث الصحيح "من جهّز غازياً فقد غزا" أي أن الذي يزود المجاهد في سبيل الله بما يحتاجه المجاهد ولم يغز بنفسه فكأنه غزا أي شارك في الغزو بنفسه.
فعلينا معشر أهل السنة أن نقوم بهذا ومن تخلّف عن هذا فقد أحلَّ على نفسه سخط الله وعقوبتَه العاجلة والآجلة أو الآجلة الى الآخرة.
وإن المساعدة على هذا الجهاد واجبة بكل ما يستطيعُ الواحد منا بأحد الطريقين المذكورين ولا عذر لمن تقاعس عن هذا الجهاد بالمساعدة بالمال الذي يفضُل عن حاجاته الأصلية.
اذكروا ما كان عليه أصحاب رسول الله ومن اقتدى بهم فإنهم لو كانوا يلتزمون التنعم ما انتشر هذا الدين إلى خارج البلاد العربية لكن بتركهم التنعم حقّقوا نشرَ الإسلام في الشرق والغرب، جزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خيراً والفلاحُ في التأسي بهم، فمن لم يتأس بهم فسيَحصدُ الندامةَ يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون، فاغتنموا حياتَكُم قبلَ الموت وإمكانياتكم قبل العَجْز بالفقر المُدقِع.
مواضيع ذات صلة
|
|
|
|
|
|