شرائط وجوب الصيام
شرائط وجوب الصيام
والصيام واجب على كل مسلم بالغ عاقل قادر على الصيام. فلا يصح من الكافر الأصلي ولا المرتد ولا يصح من حائض ولا نفساء، ولو صامتا حال وجود الدم فعليهما إثم وعليهما القضاء.
ولا يجب على الصبي، ولكن يجب على وليه أن يأمره به إن أكمل سبع سنين وأن يضربه على تركه إذا بلغ عشر سنين وتركه، وهو يطيقه، ولا يجب عليه القضاء إن أفطر.
وكذلك لا يجب على المجنون ولا قضاء عليه، ولا على المريض الذي يضره الصوم ولا المسافر سفرًا طويلاً وعليهما القضاء.
ولو صام المريض والمسافر صح منهما، وإذا ضرهما حرم عليهما.
والمسافر الذي يريد الإفطار في اليوم الأول من سفره عليه أن يخرج من بلده قبل طلوع الفجر. ولا يجب على العجوز الفاني مخافة التلف والموت.
مفسدات الصيام
والذي يبطل الصيام أشياء هي:
الأكل ولو قدر سمسمة أو أقل عمدًا غير مُكره عالمًا بالتحريم، والشرب ولو قطرة ماء أو دواء.
ملاحظة: لا يضر غبار الطريق أو غربلة دَقيقٍ لعُسْر التحرز عنه، ولا يضر تذوق الطعام بدون ابتلاع شىء منه أيضًا.
ومن بالغ في المضمضة والاستنشاق فدخل الماء إلى جوفه أفطر. وإذا أخرج ريقه من فمه ولو إلى ظاهر الشفة ثم رده وبلعه أفطر. أما ما دام متصلاً باللسان فلا يفطر إن بلعه. وإذا جمع ريقه في فمه وابتلعه صرفًا أي غير متغير لم يضر، أما ابتلاع البلغم ففيه تفصيل:
فإن كان البلغم بُلع من ظاهر الفم فإنه يفطر.
- وإن كان مما تحت مخرج الحاء فلا يفطر. والبلغم لا يفطر عند الإمام أبي حنيفة ولو بلعه بعد وصوله إلى اللسان.
أما إذا بلع ريقه المتغير بدخان السيجارة التي شربها قبل الفجر أو غيرها أفطر.
وإذا غلبه القيء ثم انقطع ثم بلع ريقه قبل أن يطهر فمه فسَدَ صيامُه لأن هذا الريق تنجس بالقيء الذي وصل إلى الفم.
أما الدخان الذي يصل إلى جوف الصائم من شارب السيجارة الذي يجالسه في السيارة مثلاً فإنه غير مفطر، وكذلك دخان البخور وشم العطور بخلاف دخان السيجارة لمن يشربها لأنه تنفصل عنه ذرات صغيرة تصل إلى جوفه.
والحقنة في القبل والدبر مفطرة، وكذلك القطرة في الأنف والأذن إذا وصل الدواء إلى الجوف، وعلى قولٍ القطرة في الأذن لا تفطر.
وأما القطرة في العين فهي غير مفطرة، وكذلك الإبرة في الجلد والشريان.
ومن أغمي عليه في نهار الصيام وأفاق ولم يستغرق كل اليوم فلا يفطر. أما إذا استغرق الإغماء كل اليوم من الفجر حتى الغروب لم يصح صيامه. أما إذا طرأ جنون ولو للحظة أفطر.
وكذا إذا طرأ على المرأة حيض أو نفاس ولو قبيل الغروب أفطرت.
أما الصائم النائم إذا احتلم فلا يفطر، بخلاف خروج المني منه بالاستمناء أو مع المباشرة عمدًا لا ناسيًا.
ويفسد صيام من جامع في نهار رمضان عامدًا ذاكرًا للصوم مختارًا ولو لم ينزل المني. أما من جامع ناسيًا فلا يفسد صومه ولا قضاء عليه.
ومن استيقظ جنبًا من جماع أوغيره فإنه يصوم نهاره ويغتسل للصلاة، فعن عائشة رضي الله عنها:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم" رواه البخاري.
ومن مفسدات الصيام:
الوقوع في الكفر عمدًا أي بغير سبق لسان، ولو كان الشخص مازحًا أو غاضبًا باختياره، ذاكرًا للصوم أوغير ذاكرٍ لأنه لا تصح العبادة من كافر.
وأما تقبيل الزوجة المحرك للشهوة فإنه حرام لكنه لا يفطر إذا لم ينزل المني. أما حديث: خمس يفطرن الصائم: "النظرة المحرمة والكذب والغيبة والنميمة والقبلة" فلا أصل له بل هو مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن بعضها يذهب ثوابَ الصيام كالنميمة.
ما يجب على المفطر عامدًا في رمضان
الإفطار عمدًا في رمضان:
1- منه ما يوجب القضاء فقط.
2- ومنه ما يوجب القضاء والفدية معًا.
3- ومنه ما يوجب الفدية فقط بدل الصيام.
4- ومنه ما يوجب القضاء والكفارة معًا.
1. فأما المفطر الذي يجب عليه القضاء فقط فهو:
أ- الذي أفطر بسبب المرض.
ب- ومن كان في سفر طويل أفطر فيه.
جـ- والحائض والنفساء.
د- والذي ترك الصيام في رمضان بدون عذر أو كان صائمًا فأفطر بمفطر غير الجماع.
هـ- والحامل والمرضع إن خافتا على أنفسهما.
فهؤلاء جميعًا عليهم قضاء كل يوم بيوم فقط.
وأما المفطِر الذي يجب عليه القضاء والفدية معًا فهو:
الحامل والمرضع إن خافتا على ولديهما فأفطرتا فعليهما القضاء والفدية وهي مُدّ من غالب قوت البلد لكل يوم. وفي المذهب الحنفي إطعام مسكين مقدار ما يغديه ويعشيه أو قيمتها.
ومن كان عليه قضاء من رمضان فأخر صيامه حتى جاء رمضان ءاخر فعليه مع القضاءِ الفديةُ عن كل يوم مد.
3. وأما المفطر الذي يجب عليه الفدية فقط فهو:
أ- الشيخ العجوز الذي لا يتحمل الصوم أو تلحقه مشقة شديدة، فإنه يفطر ويفدي عن كل يوم مدًّا.
والكفارة على هذا الترتيب:
أ?- عتق رقبة مؤمنة. فإن لم يستطع:
ب?- فصيام شهرين متتابعين غير يوم القضاء فإن أفطر خلال الشهرين يومًا ولو لمرض استأنف (أي أعاد). فإن عجز عن الصيام أيضًا:
جـ- فإطعام ستين مسكينًا لكل مسكين مد من غالب قوت البلد. وعند أبي حنيفة لكل مسكين مقدار ما يغدي ويعشي.
فإن عجز عنها كلها استقرت الكفارة في ذمته ولا شىء عليه بدل لها.
ب- المريض الذي لا يرجى شفاؤه فلا صوم عليه ولا قضاء وإنما يجب عليه الفدية فقط، وهي مقدار ما يغدي ويعشي عند أبي حنيفة، وعند الشافعي مد قمح أو غيره على حسب قوت البلد الغالب.
4. وأما المفطر الذي يجب عليه القضاء والكفارة معًا فهو الذي أفسد صوم يوم من رمضان بجماع عامدًا باختياره ذاكرًا للصيام ولو لم ينزل المني فإنه عليه قضاء هذا النهار الذي أفسده كما يجب عليه الكفارة.
ما يستحب في الصيام
ويستحب في الصيام أشياء هي:
أ- تعجيل الفطر إذا تُحُقق من غروب الشمس لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر" رواه مسلم.
ويستحب أن يفطر على تمر فإن لم يجد فعلى ماء وذلك قبل أن يصلي المغرب لقوله صلى الله عليه وسلم:"إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور". رواه أبو داود. ويقول:"اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت".
ولا بد قبل الإفطار من التحقق من غروب الشمس، ولا يكفي الاعتماد على أذان الإذاعة فقط فإنه قد يحصل تسرع في إعلان الأذان قبل وقته كما حصل في الماضي.
ب- تأخير السحور الى ءاخر الليل وقبل الفجر ولو بجرعة ماء. فعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"تسحروا فإن في السحور بركة". رواه مسلم
جـ- وكذلك يتأكد في حق الصائم صون لسانه عن الكذب والغيبة والكلام البذيء وغير ذلك من الأمور المحرمة.
فاعلم أخي المسلم أن الصبر على طاعة الله سبحانه وتعالى أهون من الصبر على عذابه.
فكف بطنك عن المحرمات وقت الإفطار وغضّ بصرك عن النظر المحرم والكلام البذيء المنهي عنه كالكذب والغيبة وهي ذكرك أخاك المسلم بما يكره لغير سبب شرعي بما فيه في خلفه، وكف عن الفحش والخصومة والجفاء والمراء.
روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم: إنما الصوم جُنة (أي وقاية) فإذا كان أحدكم صائمًا فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم إني صائم. وكما يتأكد في رمضان:
كف السمع عن الإصغاء إلى كل ما حُرم الإصغاء إليه.
وكف بقية الجوارح من اليد والرجل عن المعاصي والآثام والمكاره.
وكما يندب كثرة الجود، وصلة الرحم وكثرة تلاوة القرءان، والاعتكاف في المسجد ولا سيما في العشر الأواخر.
فعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان. رواه مسلم.
وأن يفطّر الصوّام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"من فطّر صائمًا كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شىء" رواه الترمذي. وقال حديث حسن صحيح.
وأن يقول إن شوتم: إني صائم إني صائم.
تنبيه:
من مات وعليه قضاء من رمضان صام عنه وليه. فعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"من مات وعليه صيام صام عنه وليه" رواه مسلم.
الأيام التي يحرم الصيام فيها
الأيام التي يحرم الصيام فيها:
1- يوم عيد الفطر الذي تصلى فيه الصلاة.
2- يوم عيد الأضحى الذي تصلى فيه الصلاة.
فقد روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صومين: يوم الفطر ويوم الأضحى.
3- أيام التشريق الثلاثة وهي التي تلي يوم عيد الأضحى. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أيام التشريق أيام أكل وشرب". رواه مسلم.
4- يوم الشك وهو يوم الثلاثين من شعبان إذا تحدث من لا يثبت الصيام بقوله، من فَسَقة ونسوة وصبيان ونحوهم، أنهم رأوا هلال رمضان، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صومه بقوله :"لا تقدموا رمضان بيوم أو يومين، صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يومًا". رواه البخاري.
5- النصف الأخير من شعبان فلا يصح صومه إلا أن يصله بما قبله أو صامه عن قضاء أو نذر.
ويندب صوم ستة من شوال، وتندب متتابعة تلي العيد، فإن فرقها حصلت السنة، فعن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر. رواه مسلم.
ومن دخل في صوم فرضًا أداء كان أو قضاء أو نذرًا حرُم قطعه، أما إذا كان نفلاً جاز قطعه.
زكاة الفطر
وهي زكاة عن البدن لا عن المال، واجبة على كل مسلم فَضُلَ عن نفقته ونفقة من يقوته يوم الفطر وليلته (التي تلي يوم العيد) صاعٌ من غالب قوت البلد. والصاع النبوي مقدار أربعِ حفنات بالكفين المعتدلتين.
وتعطى لفقير محتاج ومن يستحق الزكاة، ويجب على الرجل فطرة زوجته وأولاده الذين هم دون البلوغ وكل قريب هو في نفقته أي ممن تجب عليه كالآباء والأمهات، ولا تجب زكاة الفطر عن الكافر، ولا يصح إخراج زكاة الفطر عن الولد البالغ إلا بإذنه فليتنبه لذلك فإن كثيرًا من الناس يغفلون هذا الحكم فيخرجون عن الولد البالغ بدون إذنه.
وفي أداء زكاة الفطر لا بد من النية مع الإفراز. والإفراز: هو عزل القدر الذي سيدفعه زكاة كأن يقول بقلبه: هذه زكاة بدني، لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: إنما الأعمال بالنيات. رواه البخاري ومسلم.
وتجب زكاة الفطر بغروب الشمس من ءاخر يوم من رمضان على من أدرك جزءًا من رمضان وجزءًا من شوال، فعلى هذا فإنها تجب على الوليّ عن المولود الجديد الذي ولد ءاخر أيام رمضان، ويجب أداؤها قبل غروب شمس يوم العيد، ويحرم تأخيرها عنه بلا عذر، ويجوز تعجيلها من أول رمضان والأفضل أن تخرج يوم العيد قبل الصلاة أي قبل صلاة العيد.
وسبحان الله والحمد لله رب العالمين
مواضيع ذات صلة
عذرأ لا يوجد موضوع مشابه
|
|
|
|
|
|