قصة رحمة بنت إبراهيم وقصة ولي من حلب - الجزء الخامس
قصة رحمة بنت إبراهيم وقصة ولي من حلب (الجزء الخامس)
وقال أبو العباس: وكانت تحضرنا وكنا نأكل فتتنحى وتأخذ على أنفها تزعم أنها تتأذى من رائحة الطعام، فسألتها: أتتغذى بشئ أو تشرب شيئا غير الماء؟ فقالت: لا، فسألتها: هل يخرج منها ريح أو أذى كما يخرج من الناس؟ قالت: لا عهد لي بالأذى منذ ذلك الزمان، قلت: والحيض؟ أظنها قالت: انقطع بانقطاع الطعم(1)، قلت: هل تحتاجين حاجة النساء إلى الرجال قالت: أما تستحي مني تسألني عن مثل هذا، قلت: إني لعلي أحدث الناس عنك ولا بد أن أستقصي، قالت: لا أحتاج، قلت: فتنامين؟ قالت: نعم أطيب نوم، قلت: فما ترين في منامك؟ قالت: مثلما ترون قلت: فتجدين لفقد الطعام وهنا؟ قالت: ما أحسست بجوع منذ طعمت ذلك الطعام، وكانت تقبل الصدقة فقلت لها: ماتصنعين بها، قالت: أكتسي وأكسو ولدي، قلت: فهل تجدين البرد وتتأذين بالحر؟ قالت: نعم، قلت: يدركك اللغوب(2) إذا مشيت؟ قالت: نعم ألست من البشر، قلت: فتتوضئين للصلاة؟ قالت: نعم ، قلت: لم؟ قالت: أمرني الفقهاء بذلك، قلت: إنهم أفتوهاعلى حديث: "لا وضوء إلا من حدث أو نوم"، ذكرت لي أن بطنها لاصق بظهرها، فأمرت امرأة من نسائنا فنظرت (أي إلى غير العورة) فإذا بطنها كما وصفت وإذا قد اتخذت كيسا فضمت القطن وشدته على بطنها كي لا ينقصف ظهرها إذا مشت، ثم لم أزل أختلف إلى هزاراسب بين السنتين والثلاث فتحضرني فأعيد مسألتها فلا تزيد ولا تنقص، وعرضت كلامها على عبد الله بن عبد الرحمن الفقيه، فقال: أنا أسمع هذا الكلام منذ نشأت فلا أجد من يدفعه أو يزعم أنه سمع أنها تأكل أو تشرب أو تتغوط. انتهى.
فهذه القصة فيها أن لا تلازم عقلي بين فقدان الأكل وبين المرض وذهاب الصحة وانهدام البنية وكذلك سائر الأسباب العادية يصح عقلا أن تتخلف مفعولاتها وأن الأشياء بمشيئة الله تعالى، وأن الشهداء لهم حياة برزخية فسبحان القدير على كل شئ.كذلك أناس غيرها، منذ خمسة عشر عاما أحد مشايخ حلب قال رجل من أهل الجزيرة وهو شيخ من أهل العلم منذ أربع عشرة عاما لم يأكل ولم يشرب وهو يتجول يسافر من بلد إلى بلد، قال نزل عندي ضيفا فلم يأكل ولم يشرب، كل هذا دليل لنا على أن نعتبر لنزداد يقينا بأن الله تعالى هو خالق كل شئ هو خالق الجوع والعطش هو خالق الخبز وهو خالق الشبع عند تناول الخبز وهو خالق الري عند شرب الماء ليس الماء يخلق الري وليس الخبز يخلق الشبع وليس الطعام يحفظ الصحة بطبعه إنما الله تعالى جعله سببا .
(1) أي الطعام.
(2) أي التعب.
مواضيع ذات صلة
|
|
|
|
|
|