التَّبَرُّكُ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وآثارِهِ (3)
هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم (38)
بسم الله الرحمن الرحيم
التَّبَرُّكُ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وآثارِهِ (3)
رَوَى الْحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ في كِتَابِيْهِ الإصابَةِ في تَمْييزِ الصَّحَابِةِ وَأُسْدِ الْغَابَةِ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ بَحْرَةَ قَالَتْ: اسْتَوْهَبَ عَمِّي فِرَاسٌ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلمَ قَصْعَةً رَءاهُ يَأكُلُ فيها فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا، قَالُوا: كَانَ عُمَرُ إِذَا جَاءنا قَالَ: أَخْرِجُوا لي قَصْعَةَ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَنُخْرِجُها إِلَيْهِ فَيْملَؤُهَا مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ فَيَشْرَبُ مِنْهَا وَيَنْضَحُهُ عَلى وَجْهِهِ اهـ.
النّضح:الرّش.
وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ في صَحيحِهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ كَيْسانَ مَوْلى أَسْماءَ بِنْتِ أَبي بَكْرٍ قَالَ أَخْرَجَتْ إِلَيْنَا جُبَّةً طَيَالِسَةً كَسْرَوَانِيَّةً لَهَا لِبَنَةُ دِيبَاجٍ وَفَرْجَاهَا مَكْفُوفَانِ بِالدِّيبَاجِ فَقَالَتْ هَذِهِ كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ حَتَّى قُبِضَتْ فَلَمَّا قُبِضَتْ قَبَضْتُهَا وَكَانَ النَّبِيُّ يلَبَسُهَا فَنَحْنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرْضَى نَسْتَشْفي بِهَا اهـ. قَالَ الْحَافِظُ النَّوَوِيُّ في شَرْحِ مُسْلمٍ: وَفي هذا الْحَديثِ دَليلٌ على اسْتِحْبَابِ التَّبَرُّكِ بِآثارِ الصَّالحينَ وَثِيابِهِمْ اهـ. قَالَ القاضي عياضٌ في شَرْحِهِ على مُسْلمٍ: قَوْلُها "فَنَحْنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرْضَى نَسْتَشْفي بِهِا" لِمَا في ذَلِكَ مِنْ بَرَكَةِ مَا لَبِسَهُ النَّبِيُّ صَلى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ أَوْ لَمَسَهُ وَقَدْ جَرَتْ عَادَةُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ بِالتَّبَرُّكِ بِذَلِكَ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلامُ وَوُجُودِ ذَلِكَ وَبُلُوغِ الأَمَلِ مِنْ شِفَاءٍ وَغَيْرِهِ اهـ. وَالْفَرْجُ يُطْلَقُ على فَتْحَةِ الْقَمِيصِ، وَالدِّيباجُ الْحَريرُ.
وَرَوَى الْحَافِظُ أَبُو يعْلى عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ قَالَ: كُنْتُ إِذَا أَتَيْتُ أَنَسًا يُخْبَرُ بِمَكَاني فآخُذُ بِيَدَيْهِ وَأُقَبِّلُهُمَا وَأَقُولُ بِأبي هَاتَانِ اليَدَانِ اللَّتَانِ مَسَّتا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأُقَبِّلُ عَيْنَيْهِ وَأَقُولُ بِأَبي هَاتانِ الْعَيْنَانِ اللَّتَانِ رَأتا رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم اهـ. وَثَابِتٌ هُوَ أَحَدُ كِبَارِ التَّابِعينَ وَكَانَ تِلْمِيذًا خَاصًّا لأَنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
وَفي كِتَابِ الشِّفا لِلْقَاضِي عِيَاضٍ أَنَّ ابنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا كَانَ يَضَعُ يَدَهُ على مَقْعَدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم منَ الْمِنْبَرِ ثُمَّ يَضَعُهَا على وَجْهِهِ وَهُوَ تَبَرُّكٌ بِمَا مَسَّ مِنْ ثِيَابِهِ صَلى الله عليه وسلم اهـ.
وَرَوى ابنُ أَبي شَيْبَةَ عَنْ أبي مَوْدُودَةَ قَالَ حَدَّثَني يَزيدُ بنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بنِ قسيطٍ قَالَ رَأيتُ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذا خَلا لَهُمُ الْمَسْجِدُ قَامُوا إلى رُمَّانَةِ الْمِنْبَرِ الْقَرْعَاءِ فَمَسَحُوهَا وَدَعَوْا.
قَالَ الْحَافِظُ ابنُ الْجَوْزِيِّ في كِتَابِهِ صِفَةُ الصَّفْوَةِ وَرَوى جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ قَالَ كَانَ الْمَاءُ يسْتَنْقعُ في جُفُونِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ عَلِيٌّ يَحْسُوهُ أَيْ يَشْرَبُهُ أَثْنَاءَ غَسْلِهِمْ للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلَّمَ بعدَ وَفَاتِهِ.
وفي صَحيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ مُوسَى بنِ عُقْبَةَ قَالَ: رَأيْتُ سَالِمَ بنَ عَبْدِ اللهِ يَتَحَرَّى أَمَاكِنَ مِنَ الطَّرِيقِ وَيُصَلِّي فيها وَيُحَدِّثُ أَنَّ أَبَاهُ أَيْ عَبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي فيها وَأنَّهُ رأى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي في تِلْكَ الأَمْكِنَةِ اهـ. قَالَ مُوسى حَدَّثَني نَافِعٌ أنَّ ابنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي في تِلْكَ الأَمْكِنَةِ اهـ.
وَرَوى ابنُ حِبَّانَ في صَحيحِهِ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابنُ عُمَرَ يَتَتَبَّعُ أَثَرَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَكُلَّ مَنْزِلٍ نَزَلَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنْزِلُ فِيهِ فَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ تَحْتَ سَمُرَةَ فَكَانَ ابنُ عُمَرَ يَجِئُ بِالْمَاءِ فَيَصُبُّهُ في أَصْلِ السَّمُرِ لِكَيْ لا يَيْبَسَ اهـ. وَذَكَرَ الْحَمِيدِيُّ في مُسْنَدِهِ رِوَايَةً جَاءَ فيها فَجَعَلَ لَهَا الْمَاءَ مِنَ الْمَكَانِ الْبَعِيدِ حَتَّى يَصُبَّهُ تَحْتَهَا اهـ.
السّمرة:من شجر الطّلع.
مواضيع ذات صلة
|
|
|
|
|
|