نبي الله صالح عليه الصلاة والسلام
بسم الله الرحمن الرحيم
قال اللهُ تبارك وتعالى :{وإلى ثمودَ أخاهُم صالحًا قال يا قومِ اعبدوا اللهَ ما لكم من إلهٍ غيرُهُ} (سورة الأعراف/73).
عددُ المراتِ التي ذُكر فيها نبيُّ اللهِ صالح في القرءان
ذُكر اسم صالح عليه الصلاة والسلام في القرءان تسعَ مرات، وقد ذكر الله تبارك وتعالى بعضًا من قصتهِ وما جرى بينَه وبين قومِه من جدال في سورة الأعراف، وسورة هود، وسورة الشعراء، وسورة النمل، وسورة الحجر، وسورة القمر، وسورة الشمس، وفصلت، والذاريات، والحاقة.
نسبُ نبي الله صالح عليه السلام وقبيلته ثمود
قيل في نسبه عليه السلام إنّه صالح بن عبيد بن ماسح بن عبيد بن حاذر بن ثمود بن عاثر بن إرم بن سام بن نوح، وقيل غير ذلك، وقد أرسل الله تعالى نبيَّه صالحًا إلى ثمودَ وهم قبيلة مشهورة سميت باسم جدّهم ثمود أخي جديس، وهما ابنا عاثر بن إرم بن سام بن نوح وهم من العرب الذين كانوا يسكنون الحِجر الذي هو بين الحجاز والأردن، وقد مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ذاهب إلى تبوك بمن معه من المسلمين، وما زالت ءاثارهم باقية هناك تعرف باسم "مدائن صالح".
مساكن ثمود وماذا كانوا يعبدون وإرسال نبي الله صالح لدعوتهم إلى الإيمان وترك عبادة الأوثان
قال اللهُ تبارك وتعالى :{وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللهِ لَكُمْ ءايَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (سورة الأعراف/73).
أسكن الله تعالى قبيلة ثمود أرضًا بين الحجاز وتبوك وأسبغ عليهم من نعمه الكثيرة كما أسبغ على قبيلة عاد من قبلهم، ولكنهم لم يكونوا أحسن حالاً من أسلافهم ولم يتَّعِظوا بما حلّ بعاد، ولم يشكروا اللهَ تعالى بعبادتِه واتباع نبيه وتصديقه، بل أشركوا به وعبدوا الأصنام من دون الله وانفتنوا بالنعيم وسعة العيش الذي كانوا فيه.
بعث الله تبارك وتعالى نبيَّه صالحًا وكان من أشرفهم نسبًا وأصفاهم عَقلاً وأوسعهم حلمًا، فدعاهم إلى عبادة الله وحدَه وحضّهم على توحيده وعبادته، وبيّن لهم أن الأوثان والأصنام لا تملك لهم ضرًّا ولا نفعًا ولا تُغني عنهم من الله تعالى شيئًا، وقال لهم ما أخبرنا الله تعالى في كتابه العزيز :{وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُواْ ءالاءَ اللهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ} (سورة الأعراف/74).
أي أن الله تبارك وتعالى جعلكم من بعد عاد لتعتبروا بما كان من أمرهم وكيف أهلكهم الله بكفرهم فتعملوا بخلاف عملهم وتشكروا اللهَ بعبادته وحده وترك عبادة الأصنام وتصدقّوا نبيه، وقد أبَاح الله لكم هذه الأرض تَبنون في سُهولها القصور وتنحتون في الجبال بيُوتًا حاذقين في صنعته وإتقانها وإحكامها، فقابلوا نعمة الله بالشكرِ وعبادته وحدَه لا شريك له وإياكُم ومخالفته وترك الإيمان به وتكذيب نبيّه فتكون عاقبة ذلك وخيمة عليكم. وأمرهم عليه السلام أن لا يتبعوا الضالين المسرفين المفسدين الذين يُزينون لهم الضلال والفساد ولا يُريدون الإصلاح، قال الله تعالى في كتابه العزيز مُبينًا ما قال نبيه صالح عليه السلام لقومه ثمود في دعوته لهم إلى الإيمان وعبادة الله وحده وطاعته :{كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (141) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ (142) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (143) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (144) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (145) أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَهُنَآ ءامِنِينَ (146) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (147) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ (148) وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ (149) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (150) وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (151) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ (152)} (سورة الشعراء).
فبيَّن سيدُنا صالح لقومه أن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلَقَهم وجعلهم عمّار هذه الأرض بعد قوم عاد وجعل لهم في الأرض الزروعَ والثمار فهو الخالقُ والإلهُ والرازق الذي يستحقّ العبادة وحده، وأمرهم أن يقلعوا عن كفرهم وعبادة الأصنام ويعبدوا الله وحده. قال الله تعالى :{وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ} (سورة هود/61).
بعد دعوة صالح عليه السلام لقومه كان جوابهم ما أخبرنا اللهُ تعالى في كتابه :{قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوًّا قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد ءاباؤنا وإننا لفي شكّ مما تدعونا إليه مريب} (سورة هود/62)، أي أننا عهدناك ثاقب الفكر والرأي وها أنت الآن تدعونا إلى ترك ما كان عليه ءاباؤنا، وقيل: إن المعنى إنا كنّا نرجو أن يكون عقلك كاملاً قبل هذه المقالة أتناهنا عن عبادة كان عليها ءاباؤنا؟ وقد درجنا عليها ونشأنا مستمسكين بها وإننا لفي شكّ مما تدعونا إليه مريب ولا نطمئن إلى قولك ولا نثق بصدق دعوتك ولن نتركَ ما وَجدنا عليه ءاباءنا، وعندما سمع سيدنا صالح عليه السلام ما أجابه به قومه من تكبّر عن اتباع الحقّ ومن إصرار على كفرهم قال لهم ما أخبرنا الله تعالى :{قال يا قوم أرأيتم إن كنتُ على بينة من ربي وءاتني منه رحمة فمن ينصرني من الله إن عصيته فما تزيدونني غير تخسير} (سورة هود/63).
وهذا تلطف منه عليه السلام لقومه في العبارة ولين جانب وأسلوب حسن في الدعوة لهم إلى الخير والإيمان، والمعنى أي فما ظنكم إن كان الأمر كما أقول لكم أدعوكم إليه؟ وما هو عذركم عند الله؟
وقد بلّغتكم ما أمرني به ربي أن أبلغكم فماذا يُخلصكم من عذابه وأنتم تطلبون مني أن أترك دعوتكم إلى عبادته، ودعوَتُكم إلى الإيمان والإسلامِ واجبّ عليّ لو تركته لَمَا قدر أحدٌ منكم ولا من غيركم أن يجيرني من عذاب الله بسبب معصيته على ترك التبليغ. وأخبرهم عليه السلام أنه سيبقى على دعوته لهم إلى الإيمان والإسلام وعبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام حتى يحكم الله بينه وبينهم، لكنهم قابلوه بالإيذاء.
ومما ءاذت به ثمود نبيَّهم صالحًا عليه السلام حين دعاهم للإيمان به وبما جاء به أنهم اتهموه بأنه مسحور كما أخبر الله تعالى :{قالوا إنما أنتَ من المسحَّرين} (سورة الشعراء/153) أي أنت من المَسحورين أي أنَّك مسحور لا تدري ما تقول في دعائك إيانا إلى إفراد العبادة لله تبارك وتعالى وحده، وهذا غاية في تكبرهم عن اتباع الحقّ واتباع دعوة نبيهم صالح عليه الصلاة والسلام. قال الله تعالى :{كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (23) فَقَالُوا أَبَشَرًا مِّنَّا وَاحِدًا نَّتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَّفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (24) أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (25) سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَّنِ الْكَذَّابُ الأَشِرُ (26)} (سورة القمر).
مواضيع ذات صلة
|
|
|
|
|
|