مختصر معنى الشهادتين
إن الحمد لله نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرة أعيننا محمدًا عبده ورسوله من بعثه الله رحمة للعالمين هاديًا ومبشّرًا ونذيرًا بلّغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فجزاه الله عنا خير ما جزى نبيًا من أنبيائه صلوات الله عليه وسلم وعلى كل رسول أرسله.
أما بعد، أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله العظيم، واعلموا أن الله تعالى يقول:﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾،. سورة الحج/ 1- 2 .
كلامنا اليوم عن كلمة خفيفة على اللسان ثقيلة في الميزان من مات عليها سلم من الخلود الأبدي في النار، وهي باب الدخول في الاسلام ألا وهي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله. وهنا نبين أن الدخول في دين الاسلام يكون بالنطق بالشهادتين لا بمجرد قول استغفر الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله" . ويقول الله تعالى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ سورة محمد/19 .
فمعنى أشهد أن لا اله الا الله أعلم وأعتقد وأعترف أن لا معبود بحق إلا الله أي لا احد يستحق العبادة أي نهاية التعظيم والخضوع والتذلل إلا الله، الله تعالى هو الذي يستحق على عباده نهاية التذلل والتعظيم، لا أحد يجوز أن يعظم كما يعظم الله، لا الملائكة و لا الأنبياء ولا الأولياء يستحقون أن يعظموا كما يعظم الله، لكن يعظمون إلى حد يليق بهم ليس كتعظيم الله، تعظيم الله مطلق، هو غاية التعظيم، فالله متصف بصفات الكمال التي تليق به، موجود لا كالموجودات، لا يشبه شيئًا من العالم، لا يشبه العوالم التي رأيناها والتي لم نرها، لا يشبه الإنسان، ليس شيئًا له نصف أعلى ونصف أسفل كالإنسان، لا كالجمادات كالشمس والقمر والكواكب ولا هو كالهواء والضوء والظلام لا يشبه هذا كله، مهما تصورت ببالك فالله بخلاف ذلك، هذا الكلام قاله الإمام أحمد وقاله الإمام ذو النون المصري وغيرهما اللذين هما من أكابر الأولياء الذين كانت ألْسنتهم تفيض بجواهر العلوم، أخذ هذا الكلام من معاني القرءان الكريم لأن الله ذكر في القرءان أنه ليس كمثله شىء فقال : ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾.
بعض الجهال يقولون الروح جزء من الله، على زعمهم الله تعالى حال فينا لأن الروح فينا وهذه الروح على زعمهم جزء من الله، هؤلاء ماعرفوا الله . يقول الله تعالى: ﴿وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءاً﴾. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا فكرة في الربِّ" أي لا يصل إليه فكر كل من تفكر به . فالمطلوب منا أن لا نتفكر في ذاته تعالى بل المطلوب أن نتفكر في مخلوقاته عز وجل، فالله واحد أحد لا شريك له في الألوهية ولا معبود بحق سواه، وهو الأول القديم أي الأزلي الذي لا بداية لوجوده، وهو الباقي الذي ليس له نهاية، لا يفنى ولا يموت. قال تعالى: ﴿هُُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ﴾.
والله حي بلا روح ولا لحم ولا دم . قال تعالى: ﴿اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَالْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾. والقيوم معناه الذي لا يحتاج إلى أحد ويحتاج إليه كل أحد . قال الله تعالى: ﴿اللَّهُ الصَّمَدُ﴾ وهو الخالق الذي أبزر هذا العالم من العدم إلى الوجود، خالق للخير وللشر، قال تعالى: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾. وهو الرازق الذي يوصل الرزق إلى عباده، عالم بكل شىء و لا تخفى عليه خافية، قادر على كل شىء ولا يعجزه شىء ، يفعل ما يريد، ما شاء الله كان ومالم يشأ لم يكن .
أما معنى محمد رسول الله: أن محمد بن عبد الله القرشي الهاشمي نبي الله صادق في كل ما جاء به عن الله تعالى، في كل ما أخبر به عن الله تعالى، صادق لا يُعترض عليه فيما أحل لأمته وفيما حرم على أمته، إذا قال هذا حرام عليكم فكلامه صحيح، وإذا قال هذا فرض عليكم فكلامه صحيح، إذا قال هذا يكون في الآخرة لا بد أن يكون، وإذا قال حصل كذا وكذا لآدم أو لموسى أو لهارون أو لعيسى عليهم السلام فالأمر كما قال محمد عليه الصلاة والسلام. قال بعض المادحين لرسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى أبا بكر الوارق : "إذا قال قولاً فالمقال صحيح" .
والمراد بالشهادتين نفي الألوهية عما سوى الله وإثباتها لله تعالى مع الإقرار برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم . قال الله تعالى: ﴿وَمَن لَّمْ يُؤْمِن بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيراً﴾ سورة الفتح .
ثم من عرف الله ورسوله كما ذكرنا ومات على ذلك وتجنب الكفريات، تجنب سبّ الله والأنبياء وتجنب سب الملائكة كعزرائيل، تجنب الاستخفاف بشعائر الدين كالصلوات الخمس وصيام رمضان وحج البيت، من تجنب الاستخفاف بأمور الدين، أمسك لسانه واعتقاده وجوارحه عن الكفر، هذا إذا مات مهما كان عليه ذنوب لا بدّ أن يدخل الجنة، وإن مات وهو تائب من الذنوب كلها هذا ليس عليه في قبره ولا في ءاخرته شىء من النكد بل هو دائمًا في فرح وروحه دائمًا في سرور وجسمه لا يسلّط عليه حية من حيات القبور.
قال أحد الشعراء :
لا إله إلا الله *** محمد رسوله الأواه
وديننا الإسلام للرحمن *** وأفضل القول الشهادتان
واجبنا إقامة الصلاة *** وأن نـؤدي الحـق في الزكاة
وصـوم شهـر البـر للمطيع *** وحجة البيت لمستطيع
إيماننا بالله والملائكة *** وكتبه ورسله كذلكه
كذا بخير قدرٍ وشرِّه *** وبعـث يوم ءاخـرٍ وحشره
وليعلم أيها الأحبة أنه يجب حفظ اللسان أيضًا من بعض الألفاظ التي يستعملها العوام وهي غير موافقة لشرع الله، من ذلك قول بعض الناس (يسلم لي ربك) وقولهم (نيال ربك) وقولهم (يسعد لي ربك) وقولهم (يقبرني ربك) .
أما هذه الكلمة الأخير فلو قال (يُقبرني ربك) بضم الياء فلا بأس لأن معناها الله يهيء لي من يدفنني . أما قول (يَقبرني) بفتح الياء فمعناه يحطني في التراب، فلذلك لا تقال .
كذلك قول بعض الناس (يَطعمك ولدًا) أو (يَطعمك حجة) بفتح الياء حرام، أما بالضم فيجوز لأن معنى يُطعمك أي يرزقك فهو دعاء صحيح، أما يَطعمك فمعناه يأكلك فلذلك لا تقال .
وكذلك احذروا من كلمة (يَنعُم عليك) بفتح الياء لأن معناه يجد رائحة، والله تعالى لا يوصف بذلك بل الذي يجوز (يُنعم عليك) .
فليُتَنبّه لذلك، فإن الله تعالى يقول: ﴿مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ هذا وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى كل رسول أرسله الله.
أما بعد فيا عباد الله اتقوا الله حق تقاته ولا تموتنّ إلا وأنتم مسلمون.
يقول الله تعالى في القرءان الكريم: ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ﴾
ويقول تعالى في الحديث القدسي: "شتمني ابن ءادم ولم يكن له ذلك" وفسر ذلك بقوله: "وأما شتمه إياي فقوله: اتخذ الله ولدا".
فاليوم إخوة الإيمان وكما جرت العادة أن نحذركم من عبارات فاسدة في الخطبة الثانية، فإننا نحذركم من قول بعض الناس والعياذ بالله من الكفر "أخت ربك" أو "ابن الله" .
يقع الكفر هنا ولو لم يعتقد أن لله أختا أو إبنا.
يقع الكفر هنا ولو كان غاضبا.
يقع الكفر هنا ولو كان مازحًا.
فبعض الناس والعياذ بالله عند الغضب يتلفظ بهذه العبارات يقول لولده يا ابن الله، وبعضهم إذا راجعته قائلا : هذا الكلام فاسد أخرجك عن دين الله، عليك بالرجوع إلى الإسلام بالنطق بالشهادتين يقول لك أنا لا اعتقد أن لله ابنا، يقول لك باللهجة العامية (كلمة وطلعت) أو يقول: "الكلام ما عليه جُمرك" أو يقول: شو بدكن تحاسبوني على كل كلمة؟ أو يقول ما إنتو اللي بتحاسبوني وإنما الله يحاسبني !! قل له لو لم تعتقد أن لله ابنا خرجت عن دين الله بدليل قوله تعالى: ﴿يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ﴾ التوبة 74. وقال تعالى: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ الآية – سورة التوبة 65-66. وقال تعالى: ﴿مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن العبد ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسًا يهوي بها في النار سبعين خريفًا" أي يصل إلى قعر جهنم وهو خاص بالكفار أي هذه الكلمة أخرجته من الإسلام. فنحن نبين له أن الله يحاسبه عليها كما ورد في الشرع.
ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حُمر النعم" وقال: "خير لك مما طلعت عليه الشمس أو غربت". وقال صلى الله عليه وسلم: "ستكون فتن كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرًا ويُمسي مؤمنا ويصبح كافرًا يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل".
عبادَ اللهِ أُوصِيْ نفسِيَ وإيّاكمْ بتقْوَى اللهِ العَليّ العظيمِ واعلَموا أنَّ اللهَ أمرَكُمْ بأمْرٍ عظيمٍ أمرَكُمْ بالصلاةِ والسلامِ على نبيِهِ الكريمِ فقالَ:﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾، اللّـهُمَّ صَلّ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا صلّيتَ على سيّدَنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ وبارِكْ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا بارَكْتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ إنّكَ حميدٌ مجيدٌ، يقول الله تعالى:﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾، اللّـهُمَّ إنَّا دعَوْناكَ فاستجبْ لنا دعاءَنا فاغفرِ اللّـهُمَّ لنا ذنوبَنا وإسرافَنا في أمرِنا اللّـهُمَّ اغفِرْ للمؤمنينَ والمؤمناتِ الأحياءِ منهُمْ والأمواتِ ربَّنا ءاتِنا في الدنيا حسَنةً وفي الآخِرَةِ حسنةً وقِنا عذابَ النارِ اللّـهُمَّ اجعلْنا هُداةً مُهتدينَ غيرَ ضالّينَ ولا مُضِلينَ اللّـهُمَّ استرْ عَوراتِنا وءامِنْ روعاتِنا واكفِنا مَا أَهمَّنا وَقِنا شَرَّ ما نتخوَّفُ.عبادَ اللهِ ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾، يعظُكُمْ لعلَّكُمْ تذَكَّرون. اذكُروا اللهَ العظيمَ يذكرْكُمْ واشكُروهُ يزِدْكُمْ، واستغفروه يغفِرْ لكُمْ واتّقوهُ يجعلْ لكُمْ مِنْ أمرِكُمْ مخرَجًا، وَأَقِمِ الصلاةَ .
مواضيع ذات صلة
|
|
|
|
|
|