جواز التوسل
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونشكره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليًا مرشدا وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له ولا ضد ولا ند له، جلّ ربي لا يشبه شيئًا ولا يشبهه شىء ولا يحلّ في شىء ولا ينحلّ منه شىء ، ليس كمثله شىء وهو السميع البصير. وأشهد أنَّ سيدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرة أعيننا محمدًا عبده ورسوله وصفيّه وحبيبه صلى الله عليه وعلى كل رسول أرسله.
بيني وبينك يا حبيبُ فراسخُ *-*-* أما الغرامُ ففي الفؤاد فراسِـخُ
أي بيني وبينك يا حبيبي يا محمد فراسخ أي مسافات بعيدة . أما حبك فراسخٌ أي مزروع في فؤادي في قلبي.
بيني وبينك يا حبيبُ فراسخُ *-*-* أما الغرامُ ففي الفؤاد فراسِـخُ
الصلاة والسلام عليك يا سيدي يا رسول الله ، يا حبيب الله يا محمد، يا حبّ روحي وفؤادي، الصلاة والسلام عليك يا أبا القاسم، يا أبا الزهراء يا محمد، ضاقت حيلتنا وأنت وسيلتنا ادركنا يا رسول الله ، أدركنا بإذن الله. يا من برؤياك تطيب النفوس وتقرّ العيون وبذكرك تنْزل الرحمات والبركات، صلى عليك الله كلما ذكرك الذكرون وغفل عن ذكرك الغافلون ، يا حبيبي يا رسول الله.
أما بعد عشاق محمّد فإني أحبكم في الله والذي خلق محمّد . وأوصيكم ونفسي بتقوى الله العلي العظيم الذي أنزل على قلب حبيبه محمد: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ﴾ الآية . المائدة/35 .
إخوة الإيمان، لقد جعل الله سبحانه وتعالى من الأسباب المعينة لنا لتحقيق مطالب لنا التوسل بالأنبياء والأولياء في حال حياتهم وبعد مماتهم.
فالتوسل هو طلب حصول منفعة أو اندفاع مضرة من الله بذكر اسم نبي أو ولي إكرامًا للمُتوَسِّل به. الطلب من الله لأن الأنبياء والأولياء لا يخلقون مضرة ولا منفعة ولكن نحن نسأل الله بهم رجاء تحقيق مطالبنا فنقول: اللهمّ إني أسألك بجاه رسول الله أو بحرمة رسول الله أن تقضي حاجتي وتفرّج كربي، فالتوسّل بالأنبياء والأولياء جائز في حال حضرتهم وفي حال غيبتهم، ومناداتهم جائزة في حال غيبتهم وفي حال حضرتهم كما دلّت على ذلك الأدلّة الشرعية. فرسول الله صلى الله عليه وسلم علّم الأعمى أن يتوسّل به فتوسل الأعمى الضرير برسول الله، توسّل بحبيب الله، توسّل بأفضل خلق الله فردّ الله تعالى إليه بصره.
فلقد علّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول: "اللهمّ إني أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك محمّد نبي الرحمة يا محمّد إني أتوجّه بك إلى ربي في حاجتي لتقضى لي".
ثم هذا الأعمى لم يكن حاضرًا في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بدليل أن راوي الحديث عثمان بن حنيف قال لَما روى حديث الأعمى: "فوالله ما تفرّقنا ولا طال بنا المجلس حتى دخل علينا الرجل وقد أبصر". فمن قوله: "حتى دخل علينا" علمنا أن هذا الرجل لم يكن حاضرًا في المجلس حين توسّل برسول الله صلى الله عليه وسلم .
اللهمّ كما ءامنا بمحمد ولم نره، وصدّقناه ولم نلقه، أدخلنا مدخله يا الله واحشرنا في زمرته وأوردنا حوضه واسقِنا بكأسه شربًا صافيًا رويًا هنيئًا لا نظمأ بعده أبدًا يا أرحم الراحمين .
واسمعوا إخوة الإيمان قول الفقيه المجتهد عليّ السبكي في كتابه شفاء السقام: "اعلم أنه يجوز ويحسن التوسل والاستعانة والتشفع بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه سبحانه وتعالى، وجواز ذلك وحسنه من الأمور المعلومة لكل ذي دين المعروفة من فعل الأنبياء والمرسلين وسير السلف الصالحين والعلماء والعوام من المسلمين ولم ينكر أحدٌ ذلك" أي من العلماء المعتبرين.
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ما نصه: "وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمّان عن مالك الدار قال أصاب الناس قحطٌ (أي مجاعة) في زمن عمر (أي في خلافته) فجاء رجل (من الصحابة) إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله استسقِ لأمتك فإنهم قد هلكوا، (معناه اطلب من الله المطر لأمتك) فأتى الرجل في المنام فقيل له إيتِ عمر فاقرئه مني السلام وأخبره أنهم يسقون (أي سيأتيكم المطر) وقل له عليك بالكيس الكيس (أي اجتهد في أمر الأمّة) فأتى الرجل فأخبر عمر فقال: يا ربّ ما ءالوا إلا ما عجزت" (أي لا أقصّر مع الاستطاعة أي سأسعى ما في وسعي لخدمة الأمّة).
وهذا الرجل هو بلال بن الحارث المزني الصحابي قصد قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم للتبَرّك وقال "يا رسول الله استسقِ لأمّتك فإنهم قد هلكوا" فلم ينكر عليه عمر ولا غيره.
اللهمّ ارزقنا حسن الاقتداء بالأنبياء والصالحين إنك على كلِّ شىء قدير .
هذا وأستغفر الله لي ولكم
مواضيع ذات صلة
|
|
|
|
|
|