أمانة القلم
الأقلام إن استعملت بالخير نشرت الفضائل وإن سخرت لحظ النفس أو الشيطان دمرت المجتمعات أفسدت العقول وحرفت الصواب، القلم أداة الكتابة والنشر، به يعبر الشخص عما في نفسه وما يحمل من أفكار وبه تعرف مقادير الكُتاب إذ أنَ الكاتب ُيقدم للناس ما في نفسه وما يعبر عن داخله، وعن طريقه يُكتب العلم ويُنشر، ويقال للشخص صاحب الكتابات الرصينة النافعة، فلان صاحب قلم نير ومفيد، ويقال لعكسه: ألا فليكسر قلمه.
والقلم أمانة لأنه أحد اللسانين فمن كتب كأنه نطق إلا أن يكون كتب حكاية عن غيره فيكون ناقلاً والقلم (وهو عبارة عن الكتابة وأن كنا في أيامنا نستعمل الكمبيوتر فكله قلم) والأقلام عديدةٌ ومتنوعة، وأيضاً متفاوتة في الرتب فقلم يقطر حقداً وغيبة وسفاهة وآخر يكتب ما لا منفعة فيه من الأباطيل وقلم جُردَ للحق والخير وكشف الزيف والباطل يرشد الناس إلى ما يهمهم ويصب من معين فكر الكاتب العلم بأمانة وتجرد وشفافية وإخلاص، وكم نحن بحاجة إلى هذا القلم، إنه قلم الرد على المبطلين بالحكمة والموعظة الحسنة، وكشف أباطيل المبطلين من الفسقة والشهوانيين والمنافقين، وأصحاب التوجهات المتطرفة المشبوهة الهدامة والفكر المشبوه المستوردة الغريبة عن تقاليدنا وديننا ومجتمعاتنا، مهمة هذا القلم كشف عوارهم على اختلاف أنواعها وأجناسها، وبيان تناقضهم وتهافتهم، على تعدد ألوانها وأشكالها، وخروجهم عن الحق ودخولهم في الباطل، وهذا القلم في أيامنا نادر الوجود وإن وجد حاربته أقلام السوء، وأصحابه أهل الحجة و العلم الناصرون لما جاءت به الرسل، المحاربون لأعدائهم، إنه قلم الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وأصحاب هذا القلم حرب لكل مبطل، وعدو لكل مخالف، فهم في شأن، وغيرهم من أصحاب الأقلام في شأن آخر، ولكل وجهة هو موليها.
نحتاج من يكتب في توضيح دين الله وشرعه بأسلوب علمي وسهل ميسر للعامة، وبحاجة إلى من يكتب في الرد على المخالفين المشوشين، وأخر يخصص لمخاطبة غير المسلمين وغير العرب، بلغات العالم .
نريد من يكتب الأدب والعلم فقد سئمنا الكتابة في السياسة والمهاترات والتدليس والتقاذف بين الكتاب بأبشع الألفاظ وأشنعها فأن من ُجعبته فارغة من العلم الرصين والفكر النير والثقافة المفيدة أفرغ من فكره الفاسد وثقافته العفنة تلك المواضيع والكلمات وسخر قلمه للأفتراء والهراء ناسياً أن من كتب ونشر فقد قدم للناس ما في ذهنه وما يدل على شخصيته فليتقي الله أصحاب أقلام السوء والمتفلسفين المتبجحين بالتسلط على الناس وعلى دين الله زوراً وبهتاناً وليتقي الله المتسترون على أصحاب السوء لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس!! الأقلام الموبوءة، التي تكتب بلغتنا، وتنطق بلساننا وتحارب ديننا أو تحرفه، أقلام أصحاب القلوب المريضة، والضمائر المستأجرة، والأفكار العفنة، أقلام تعلمت في مدارس الشيطان والفتنة، فشربت ماءه العكر، وتغذت بعفن الإنحطاط والاأخلاقية، وهي الآن تحاول أن تصوغ عقائد وسلوكيات وأخلاق للجالية على نحو ما عُلّمت ووُجهت، هذه الأقلام صُنعت بأيد ملتوية، ونوايا سيئة، وأفكار منحرفة، وهي تحاول أن تلبس لباس الدين واتباع الرسل والدين والرسل منهم براء، لكي تضفي على نفسها الصبغة الشرعية، ويقبلها أبناء المسلمين وهي تشوه صورة المسلمين وتحرف الشرع القويم بالتنطع والتطرف والتكفير والتنفير والتفرقة والجهل ،فمن نبذه أهله ومجه مجتمعه ولم يعرف له سابقة في العلم والثقافة فإنه يلتحق بالأقلام المهاجرة، ويخرج إفرازات سمه وخبثه في المهجر، ثم يصدر ذلك بشكل مقالات أو اطروحات، تدخل من أبواب خفية، وتنشر على مرأى ومسمع، وفي وضح النهار، تدعو للشك في عقائد الناس والتحريض واللمز من مقام أشرف الخلق رسل الله عليهم السلام، أو تلك الأقلام التى تطرح أيضاً اطروحات غريبةً على مجتمعنا، تحاول أن تقنع الناس بأن ما كنتم عليه طيلة السنوات الماضية فإنه التخلف أو الكفر والفسق فيحرمون على الناس ويحلون من عند أنفسهم ويستحلون دماء الناس هنا وهناك زوراً، ويركز أصحاب هذه الأقلام أيضاً على قضية الصحوة الإسلامية والدفاع عن المظلومين، محاولين تصويرها للناس بأسماء مختلفتة ما بين حضارة وحرية وانفتاح وبين جهادية ودعوة والتزام وغير ذلك وهى فتاوى مزيفة لاعلاقة للإسلام بها، فالإسلام دين يدعو للعلم والعقل لا للغفلة والتهور والحكم على الناس بالكفر واستباحة الدماء فكم من قلم كان سبب في هدر الدم ولو بعد مدة وسنين، فقبل أن يفتش عن الفاعلين والمنفذين للإرهاب هنا وهناك ليبحث عن من أفتى ورخص وشرع الفكر المتطرف و القتل على هذا النحو، وقد تجرأت هذه الأقلام أحياناً فصارت تكتب كتابات تمس العقيدة وتحرفها عن الأصل الذى جاء به الأنبياء فليس في عقيدة المسلمين اعتقاد الحلول والتشبيه في حق الله فربنا تعالى الخالق الذى لايشبه شىء ولا يحتاج إلى شىء مستغنى عن الشريك والشبيه والمكان والزمان فهو الخالق وما سواه مخلوق وهو الأول الذي لا ابتداء له ولا أول بهذا المعنى إلا الله تعالى، وتسخر أيضاً بشئ من الدين كالإستهزاء بأحكام الشريعة من صلاة وصيام وحج ونحو ذلك، ويشم منها رائحة الكفر والإلحاد.
إن هذه الأقلام إن لم يؤخذ على يدها وتفضح ويعرف الناس أنها ليست على شىء، فإن شرها عظيم، لأنه سينشأ جيل جديد تربى على قراءة هذه التوافه، فإذا صاحب
ذلك ضعف علمي ديني كما هو الحال الآن عند أغلب ناشئة اليوم، فماذا تتوقع منه أن يقدم لأمته، وقد أدرك أعداء الملة وخصوم الشريعة والسفهاء وعرفوا كيف يقوضون أركان القوة وينحرون ثقافة الناس ويشوشون أفكارهم ، من غير استخدام السلاح، ومن غير إثارة القلاقل بطريق القلم، تسخر أقلام وتستأجر أخرى ويحدد لها الهدف ثم تدعم، وتبدأ تنخر في جسم الأمة، ويكون مفعولها أقوى من رمي القنابل، وضرب المدافع، لأن الأغلب مغيب عن الحقائق، ولا يشعر أنه مستهدف.
باسم حرية الرأى والكلمة ُيحرض على البغي والفساد فتصير الكتابة الكذب والتدليس والشتم والتعرض لمكانة الأنبياء والشرائع أو التجرؤ على الله تعالى والعياذ بالله من الإستهزاء بالذات المقدس أو النيل من دين الله أو شرائعه التى أنزلت على الأنبياء عليهم السلام، بل الكتابة أمانة وثقافة وعلم وأدلة من غير غش، لذا ينبغي التكاتف جميعاً في إيقاف هذه الأقلام أو على الأقل التقليل من شرها، وتسخير قلم الخير في الاجتهاد في طرح البدائل الصافية، فندعو الكتاب من الجالية الكريمة أن يترفعوا عن لغة التقاذف بالألقاب والشتائم وهم يدعون بالأدباء والمفكرين والمثقفين !! ارحموا القراء بكتابة مايفيدهم في هذه الغربة والمهجر إلا يكفي أن الكثير من أولادنا نشأ لايعرف من العربية إلا القليل وإذا أراد أن يقرأ في بعض الصحف العربية وجد ما وجد؟ فلنكتب بأمانة ولنتحاور حوار الثقاة الأمناء لاحوار الحاقدين المفترين المتربصين لبعضهم البعض، فمن الغش أن يكتب للناس ما يفسدهم ويأجج نار الفتنة بينهم وليعلم أن الإنسان مسؤول عما يكتب والقلم أمانة والكاتب مؤتمن والله الرقيب علينا.
مواضيع ذات صلة
عذرأ لا يوجد موضوع مشابه
|
|
|
|
|
|