إبراهيم عليه السلام
الحمد لله الذي شرح صدورنا بالقرءان ورحمنا ببعثة محمد عليه الصلاة والسلام.
أما بعد، فيا حماة الإسلام ويا حراس العقيدة أوصي نفسي وأوصيكم بتقوى الله العلي العظيم، إتقوا الله حق تقاته واسمعوا معي، فإننا اليوم مع الحديث عن الخليل إبراهيم عليه السلام، فخليل الرحمن إبراهيم هو نبي رسول، وكغيره من الأنبياء والمرسلين صلوات ربي وسلامه عليهم أجمعين لا يكذب، خليل الرحمن لا يكذب إبراهيم الخليل لم يكذب، وإنما ما ورد في الحديث أن إبراهيم كذب ثلاث كذبات فهذا معناه أنه كذب من حيث الظاهر، لكن في الحقيقة والباطن صدق وسيأتي مثال على ذلك بعد قليل.
إذا خليل الرحمن إبراهيم هو معصوم من الكذب ككل الأنبياء، كذلك معصوم من الكفر، فخليل الرحمن إبراهيم وجميع الأنبياء لم يعبدوا إلا الله، إبراهيم ما عبد كوكبا ولا شمسا ولا قمرا، إبراهيم لم يعبد إلا الله ولكن ما ورد في القرآن حين قال عن النجم حين رآه “هذا ربي" هذا على سبيل السؤال الإنكاري.
في لغة العرب، في بلاغة العرب شىء يسمى السؤال الإنكاري، "هذا ربي" معناه يا قوم هذا الذي تزعمون أنه ربي هذا لا يستحق العبادة.
هذا ربي!؟ أي هذا لا يكون ربي.
سؤال إنكاري كمثل قولك للتقريب فلان ضربني؟ أي فلان لا يستطيع أن يضربني، وهو قال لهم "هذا ربي" ؟ أي هذا لا يكون ربا أي لا يستحق العبادة لأن الذي يشرق ويغيب بحاجة لمن خصصه بالإشراق والمغيب والمحتاج لا يكون ربا قادرا.
إذا فقضيتنا والأساس في درسنا أن خليل الرحمن إبراهيم معصوم من الكذب فلا يكذب ومعصوم من الكفر هو وكل الأنبياء.
لم تمر عليهم مرحلة زمنية كفروا فيها أو وقعوا بالكفر فيها أبدا، فالأنبياء كلهم من صغرهم ربنا يلهمهم أصل الإيمان، الأنبياء لا يمرون بمرحلة كفر، أبدا أبدا.
لذا قلنا إبراهيم الخليل لم يعبد كوكبا ولا قمرا ولا شمسا، إبراهيم كإخوانه الأنبياء جميعا لم يعبدوا إلا الله هذه عقيدة أهل السنة والجماعة.
ومن هنا، نأتي إلى قوله تعالى {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}.
كانوا يعبدون الأصنام، كان لهم أكثر من سبعين منهم من خشب وحجر وحديد ونحاس وذهب وفضة، إعترض عليهم إبراهيم، ما هذه التماثيل التي أنتم لها عابدون، كان جوابه لقد كنتم أنتم وآبائكم في ضلال مبين.
وهنا وجهوا إليه سؤالا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين؟ فأجابهم قال بل ربكم رب السموات والأرض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين، وهنا بينه وبين نفسه حلف وتالله لأكيدن أصنامكم بعد تولوا مدبرين.
كان لهم عيد يخرجون اليه مرة كل عام خارج البلدة فقال لهم وتالله لأكيدن أصنامكم لأكسرها بعد أن تخرجوا لعيدكم وهنا القصة ما زالت في أولها وربما تأخذ ما يزيد عن ربع ساعة لذلك وصلنا إلى هنا والأصل الأصل والمقصود أن تفهموا، أن تتمعنوا أن الخليل ما عبد شمسا ولا عبد كوكبا ولا عبد قمرا فالخليل كغيره من الأنبياء لم يعبدو إلا الله. فالأنبياء لا يمرون بمرحلة أو بدقائق يكونوا فيها على الكفر حاشا.
الأنبياء لا يقعون في الكفر حتى وهم صغار عصمهم من الكذب، والقصة أن إبراهيم حلف إن خرجوا سيكسر الأصنام.
حين خرجوا دخل إبراهيم إلى بيت الأصنام وقيل كان فيها 72 صنما من ذهب وفضة ونحاس وحديد وخشب فكسرها جميعا، كسر كل الأصنام إلا الكبير وعلق الفأس في رأس الكبير، وجاء القوم من عيدهم فرأوا الذي رأوه قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه من الظالمين. قالوا سمعنا فتى يذكرهم أي سمعنا أنسانا يعيب أصنامنا، قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون فأتى بإبراهيم إلى النمرود فسئل أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم؟
إسمعوا الجواب والحجة العقلية والبلاغة، فمن بلاغة القرءان أن فيه مجازا، وهنا ألفت إنتباهكم، قال إبراهيم بل فعله كبيرهم هذا أي أن الصنم الكبير هو الذي حملني على أن أفتك بالصغار لأنكم تعتنون بالكبير وتجملون هيأته فتركته لكم لتعرفوا أن الكبير لم يستطع منع الأذى عن الصغير، تركت لكم الكبير، إغاظة، لتغتاظوا أكثر، لتعرفوا أنه لا يستطيع شيئا.
بل فعل كبيرهم هذا ليس كذبا بل من باب نسبة الفعل إلى الشىء نسبة مجازية أي هو حملني على أن أفتك بالصغار، فاسألوهم إن كانوا ينطقون وهنا حجة عقلية، كأنه يقول يا قوم هؤلاء لا ينطقون وأنتم تنطقون، لا يسمعون وأنتم تسمعون، لا يبصرون وأنتم تبصرون، لا ينفعون شيئا، فاسألوهم إن كانوا ينطقون، فرجعوا إلى أنفسهم، قال إنكم أنتم الظالمون، إعتبروا أنفسهم ظالمين لأنهم تركوا الأصنام لوحدها فاستفرد بهم إبراهيم.
قال لهم إبراهيم أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم أف لكم، وهنا عرفوا أنه هو، فاستشار لنمرود شخصا من كبار القوم، ماذا نفعل به، ذكر في بعض التفاسير أن نمرود إستشار بعض القوم فقال حرقوه فابتلعته الأرض ولا زالت تتجلجل به حبسوا إبراهيم في البيت، وأعلم منادي الملك يا أيها الناس إحتطبوا لإبراهيم، ومن لا يحتطب يحرق في النار فظلوا أربعين يوما يحتطبون من جميع أنواع الخشب والشجر ثم أضرموا النار وجاؤوا بإبراهيم بعد أن وثقوه بالحبال ورموه بالمنجنيق لأن أمرها كان شديدا لأن حرها كان شديدا.
ومن شدة حرها الطير كان يحترق إذا مر بحرها بلهبها وكان إبراهيم يقول حسبنا الله ونعم الوكيل الله كافينا ونعم النصير هذا معناها نعم الموكول إليه الأمور.
رموا إبراهيم في النار والقوم ينتظرون، ماذا يحصل بإبراهيم، قيل بقي سبعة أيام وقيل أكثر، وإذا بالخليل إبراهيم يخرج سليما معافى حتى ثيابه لم تحترق وإنما احترق الحبل الذي وثق به وربنا يقول: {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً} قال ابن عباس لو لم يتبع بردها سلاما لمات إبراهيم من بردها.
{وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ} سلط الله عليهم البعوض فأكل لحومهم وشرب دماءهم ودخلت بعوضة في دماغ نمرود فأهلكته.
من هنا نأخذ قاعدة وهي أن النّار لا تخلق الإحراق وإنما النّار سبب وخالق الإحراق فيها إذا أحرقت هو الله.
لو كانت تخلق الإحراق لمات إبراهيم حرقا.
مواضيع ذات صلة
|
|
|
|
|
|