إذا عمل أحدكم سيئة فليتبعها بحسنة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد فقد رُوِّينا في كتاب الدّعوات للإمام البيهقي رحمه الله من حديث أبي أُمامةَ أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا عَمِلَ أحَدُكم سيئّة فليُتْبِعْها بحسنة، قيل يا رسول أفَمِن الحسناتِ لا إله إلا الله، قال هي أحسنُ الحسنات" حديث صحيح حسّنهُ الحافظُ ابن حجر في أماليِِّه، الرسول عليه الصلاة والسلام حَثّ أمتَه على هذه الكلمة الشريفة، لا إله إلا الله، سمّاها أحسنَ الحسنات، وذلك لأنها هي البابُ للدّخول في الاسلام، وهي أفضلُ الذكر أفْضَل من التسبيح، أفضل من التّكبير، أفضل من التّحميد، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله، والله أكبر، هؤلاء الكلمات هُنَّ أفضلُ ما يقوله الانسان لتمجيدِ ربِّه تبارك وتعالى، أفضل ما عُظِّم به الله تعالى من الذكر هو هؤلاء الكلمات، هؤلاء الكلمات أفضل من غيرهنّ من تمجيد الله تعالى، وأفضل هؤلاء الأربع، لا إله إلاّ الله.
الرسول عليه الصلاة والسلام، في هذا الحديث أمرَ أُمتَّه بأن يُتْبِعُوا إذا حصلت منهم معصية، حسنة، أن يُتبِعوا تلك المعصية حسنة، والحسنةُ تَشْمَلُ الذكرَ بجميع أنواعه ذكرُ الله بجميع أنواعه، وتَشْمَلُ الصّدقة، وتَشمل الصّيام وتَشمل الصلاة وتَشمل برَّ الوالدين وتَشمل إكرام الضيف والسلام على المسلم الذي تعرفه والذي لا تعرفه فإذا سلّمتَ على مسلمٍ تعرفه أوْ لا تعرِفُه هذا السلامُ حصل أي من الأعمال التي يثاب عليها المسلم.
لكن كلُّ ذلك يحتاج إلى نيّة، كل حسنة يعملها الانسان إذا قرنَها بنية له الثواب أمّا إذا لم ينو، إنما جرى على لسانه فهذا لا ثواب فيه.
أن يقصدَ التقربَ إلى الله، يقصدَ تعظيم الله، يقول في قلبه لما يذكر الله بنوع من الذكر، أُعظِّمُ الله، في قلبه يقول أو أتقرَّبُ إلى الله، أو أتذلَّلُ لله، فإذا وُجِدَتِ النية فكلُّ حسنة يعملُها، يمحو الله بها من السّيئات ما شاء.
الحسنة الواحدة تمحو عَشْراً من السّيئات، من الصغائر، من المحرّمات الصّغيرة، تمحو أيّة حسنةٍ من الحسنات منه عَشْراً.
السلامُ على المسلم بهذه النية كذلك حسنة يمحو اللهُ بها من السّيئات ما شاء، قال قائل لمّا ذكرَ الرسولُ إتْباعَ السّيئةِ الحسنة، أمِنَ الحسناتِ يا رسول الله لا إله إلا الله، فقال الرسول "هي أحسن الحسنات" معناه لا إله إلا الله أفضلُ الحسنات، وممّا يَلْزَم تصحيحُ الحروف كَكُلِّ ذِكر يُذكَرُ اللهُ به، بعض البلاد التي كَثُر فيها الجهل، هذه الكلمة يحرّفونها، أخبرني الشيخ أبو سَيف المغربي حفظه الله أنّه وجَدَ أناساً يقولون لا إله إلاّ الّلاءُ هكذا يقرأُون، هذا لغوٌ لا ثواب فيه لو كان لا يعرف أن هذا لَحْنٌ لا ثواب له مهما أكثر من العدد لأنَّه كلامٌ لا معنى له، وفي بعض البلاد النساءُ فيها يَقُلْنَ لا إلاح إلا اللاّح، هذا أيضاً لغو، بل فيه ذَنْبٌ، ذنبٌ كبير لأنه تغييرُ اسم الله.
الله لا يُقرأ إلاّ كما جاء في القرءان لا يُقرأ بالحاء ولا بالهمزة بدل الهاء، ولا يُحذَفُ منه حرفٌ كما يقول بعضُ الناس لا إله إلا الَّه هؤلاء حذفوا حرفاً بين اللاّم والهاء، فلا ثواب في ذلك لأنه غيّر اسم الله.
وبعضُ الناس حرّفوا اسم الله تحريفاً كبيراً فقالوا آه مختصر من الله فيقولون في حَضَراتهم بعد أن يبدَأوا بـ لا إله إلا الله، ثم الله، الله، يقولون ءاه، ءاه، هذا موجود في بالمغرب وفي مصر وفي بلاد الشام هذا حرام، الذي يريد ذِكر الله يذكره بـ لا إله إلا الله أو بالأسماء الحُسنى.
أما أن يذكُرَهُ بآه فيقول هذا مختصر من اسم الله، فهو إلْحاد، وغَرَّهم حديثٌ موضوع مكذوب على الرّسول: "آه إسمٌ من أسماء الله" هذا لا وجودَ له في كتب الحديث المُسْنَدة، لا وجود له.
هذا حديث موضوع هم فسّروه بهذا وهو أن عائشة قالت دخل علينا رسول الله وعندنا عليل يَئِنْ فقلنا أُسْكُت فقال الرسول دعوه يَئنّ فإنّ الأنين اسمٌ من أسماء الله"، هذا الحديثُ مكذوب على الرسول وليس فيه ذِكر آه إنما لفظ هذا الحديث المكذوب على الرسول فإن الأنين اسم من أسماء الله، الأنين عند العرب القدماء يكون له اثنتان وعشرون كلمة ليس آه فقط.
هاه من جملة الأنين وأَهْ وآهِ كذلك وءاوُوْه كذلك أوَّتَاه إلى اثنتين وعشرين كلمة كلٌ أنين عند العرب وآه واحداً من هذه الاثنتين والعشرين كلمة.
فهؤلاء ركّبوا من الحديث المكذوب على الرسول كذباً ءاخر، هو الرسول لم يقل فإن آه اسم من أسماء الله ولا قال إن الأنين اسم من أسماء الله لكن هؤلاء لمّا وجَدوا هذا الحديث فإن الأنين اسم من أسماء الله فسَّروه بآه.
فهؤلاء لا خير في الاجتماع بهم وحضورِ حضَراتهم ولو كانوا كثْرَة، في مصر والشام، والمغرب، لا يجوز الجلوس معهم فيها.
فلا تحرّفوا اسم الله، من أراد الثواب يتبَع شريعةَ الله، حتّى إنّ الذكر بـ الله، الله من دون أن يُقْرن بهذا الاسم الجليل له كسبحانه أو غيرِ ذلك من الألفاظ ما ورد عن الرسول أنه كان يذكُر هكذا، لكن لا مانع من أن يذكُرَ الانسان بهذا الاسم الفَرْد الله، الله، الله، لا مانع وفيه ثواب، الوهابية تُحرِّم ذلك، ولا معنى لكلامهم.
الدليل على أنّه يجوز أن يقول الله، الله (أي في الذكر)، ما ورد في مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقومُ السَّاعةُ حتى لا يُقَال في الأرض الله، الله".
هذا دليل على أنّه يجوز أن نذكر (الله، الله) خلاف قول الوهّابية.
رُفع سؤال إلى شيخ الأزهر الشيخ سليم البِشْري رحمه الله هذا شيخ الأزهر قبل تسعين سنة رُفِع إليه سؤال قيل له إن أناساً يعملون حضرة يقولون آه ءاه ءاه وأحياناً يقولون أح أح، ويرقصون، فقال الشّيخ سليم البِشرى رحمه الله، حرامٌ حضورُ تلك المجالس، هذا القول صوابٌ صحيح، لأن هذا تحريفٌ لاسم الله تعالى، كيف يحضر المسلمُ هذا المجلس، لا يجوز.
ثم إنَّ الحسَنات التي تُذهب السّيئات فمنها ما يُذهبُ الصغائرَ ومنها ما يذهب الصّغائر والكبائر.
لأنه يجوز أن يَغفر اللهُ تعالى لبَعْض المسلمين بعضَ الكبائر بحسَنة من الحسنات كالصّدقة، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم "إتّقوا النارَ ولو بِشِقِّ تَمرة".
رواه البخاري قولُه عليه الصلاة والسلام : " اتّقوا النار ولو بشق تمرَة " معناه أن الله تعالى قد يُعتِقُ عبدَه المسلم بالصّدقة التي هي صغيرة، نِصْفُ حبّة تَمْر ولو بنصفِ حَبّةِ تَمر تجنَّبوا النار، معناه قد يعتِقُكُم الله إذا تصدَّقتُم بنصف حبّة تمر من الكبائر، لأن الذنب الذي يُدخلُ صاحبَه النار هو ما كان من الكبائر، أما الصّغائر فلا تُدخل صاحبها النار إنما لها عقوبة غيرُ ذلك، لِمَا دون دخولِ النار، العذاب ليس دخولَ النار فقط، العذابُ أنواع.
فلمّا قال الرسول اتّقوا النارَ ولو بِشِق تَمرة علِمْنا أنَّ من الحسناتِ ما يمحو الله به بعض الكبائر.
فَضْلُ الله واسع، لكن الشّخص لا يَدْري إذا عَمِلَ الكبيرة ثم عَمِلَ حسنة كصدقة أو غيرِ ذلك أنّه مُحِيَ عنه الكبيرةُ التي عَمِلَها بيقين، لا يَعْلم، لكن يَقُول في نفسه يجوز أن يكونَ محى اللهُ لي بهذه الصدقة، الكبيرة التي عَمِلْتُها، يجوز أن يُحَسِّن ظنَّه بربّه تبارك وتعالى.
فقد ورد أيضاً حديثٌ ثابتٌ عن رسول الله أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من قال استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحيُّ القيّومُ وأتوبُ إليه غُفِر له وإن كان قد فرَّ من الزّحْف" هذا الحديثُ حَسَنٌ ثابت.
ومعناه أن هذا الاستغفار "استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحيُّ القيّومُ وأتوبُ اليه" يغفِرُ اللهُ لقائله ولو كان ارتكب هذه الكبيرة وهي كبيرةٌ عظيمة، وهي الفرار من بين المسلمين في حال الجهاد، في حال مواجهة الكفار، في حال القتال، هروبه من بين المسلمين هذا ذنب كبير، كبير، كبير.
ومع هذا الرسول قال الذي يقول هذا الاستغفار يُغفر له ولو كان فرّ من صفّ القتال، من بين إخوانه المسلمين، هذا ذنبٌ كبير، لأنه يكسرِ هِمم المجاهدين، قد يتبَعُه ءاخر وءاخر فيُضعف هِمَم المجاهدين لذلك هذا ذنب كبير، مع ذلك الله تعالى يغفر لمن قال هذا الاستغفار لو كان حصل منه هذا الذنبُ العظيم.
مواضيع ذات صلة
|
|
|
|
|
|