تعظيم الله والرسول
تعظيم الله والرسول
الحمدّ لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما بعد، فإن الله تبارك وتعالى عظّم قدرَ النبيّ محمد صلى الله عليه و سلم وجعل له منزلة لم يجعلها لغيره وحثّ على الصلاة والسلام عليه فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}، إنَّ من سمع اسم الرسول صلى الله عليه وسلم في مجلس يسنّ له أن يصلي ويسلّم عليه فإن ترك ذلك حتى غادر ذلك المجلس كان مكروها كراهة شديدة وقال بعض العلماء عليه معصية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ذكرت عنده فلم يصلِّ عليَّ فقد أخطأ طريقَ الجنّةِ" وقال: "البخيل من ذكرت عنده فلم يصلِّ عليّ"، وكذلك يستحسن عند الصلاة والسلام على النبيّ أن نصلي ونسلمَ على سائر أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام فقد صحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا سلّمتم عليَّ فسَلِّموا على أنبياء الله فإنهم بعثوا كما بعثت".
وأما عند سماع اسم الله فَيسنّ للشخص أن يقول عزّ وجل أو تبارك وتعالى أو نحو ذلك من كلمات التعظيم كتقدرت أسماؤه وجلَّ شأنه وجلَّ ذكره ومن لم يفعل ذلك فليس عليه كراهة فضلاً عن أن يكون عليه إثم ومعصية وليس معنى ذلك أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم أولى بالتعظيم من الله عزّ وجل لأننا نحن إنما نعظّم الرسول صلى الله عليه وسلم لأنَّ الله أمرنا بذلك، والرسول صلى الله عليه وسلم مخلوق مثلنا لا يخلق منفعة ولا مضرة وإنما الله هو خالق المنافع والمضار والعالمِ بأسره فهو تبارك وتعالى وحده يستحق أن يعبدَ لذاته ويستحق أن يعظم لذاته وأما الرسولُ وسائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فإنهم إنما استحقوا التعظيم لأنّ الله تعالى هو الذي جعل لهم ذلك القدر العظيم وأمر بتعظيمهم.
فلا يجوز أن نعظّم الأنبياء كتعظيم الله وإنما نعظمهم إلى الحدّ الذي يليق بهم ويجوز أن نعظمهم به لا أكثر لذلك الذي يحلف بغير الله معظّماً له كتعظيم الله يكفر وهو معنى الحديث "من حلف بغير الله فقد أشرك" أي من حلف بغير الله معظّماً له كتعظيم الله فقد أشرك وأما من حلف بغير الله كأن حلف بالنبيّ أو غيره من الأنبياء أو بأحد من الملائكة جبريل أو عَزرائيل أو ميكائيل ولا يريد تعظيمه كتعظيم الله فلا يكون كفراً ولا شركاً ولا حراماً إنما هو مكروه كراهة شديدة لأنَّ العبدَ إذا أرادَ الحلف وكان صادقاً فيجوز أن يحلف بذات الله أو بصفة من صفات ذاته كأن يقول وحياةِ الله وقدرةِ الله وعزةِ الله وجلال الله وكلام الله أو يقول والقرءان وأما إذا قال: وحياةِ القرءان فإنه لا ينعقدُ حلفاً لأنَّ القرءان لا يوصف بالحياة.
وكذلك لا ينعقد يميناً من قال إذا أراد الحلف بالله "واللاّ" بلا هاء وليس عليه كفارة إذا كسر هذا الحلف ولكن عليه معصية لتحريفه اسمَ الله عزّ وجل.
ويصح الحلف أيضاً إذا حلف الشخص باسم من أسماء الله عزّ وجل كأن يقول والخالقِ أو والرازقِ أو نحوَ ذلك.
ومن حلف بالله أن يفعلَ شيئاً ثمّ لم يفعله كان عليه كفارة وهي عتق رقبة مؤمنة أو إطعام عشرةِ مساكينَ عشرةَ أمداد أو كسوتهم ثوباً ثوباً فإن لم يستطع أيِّاً من هذه الثلاث صام ثلاثة أيام متواليات أو متفرقات والأحسن كونها متوالية.
مواضيع ذات صلة
عذرأ لا يوجد موضوع مشابه
|
|
|
|
|
|