|
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, مالك يوم الدين, الذي قال في القرءان الكريم }كُنتُمْ
خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ
عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ} (110)]سورة ءال عمران[. والصلاة والسلام
على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد, فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{ من رأى منكم منكراً فليغيّره
بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان}رواه مسلم,
فالحمد لله الذي سخّر علماء أفاضل نشروا الحق وعلّموا الدين الذي لم يدخله زيادة
ولا تحريف. وءاخرهم المحدث العالم الفقيه اللغوي الشيخ عبد الله الهرري حفظه الله
تعالى وأطال بعمره ولطف به ونفعنا بعلمه وغفر له ولوالديه, الذي انطبقت عليه صفات
مجدد القرن. فقد نُشر العلم على يديه ووصل مريدوه إلى جميع بلدان العالم وذلك بفضل
الله عز وجل. والشيخ حفظه الله إتخذ القرءان والسنة دليلا له, فحذر من الفرق
الضالة الكثيرة, كالوهابية ورؤسائهم وحزب الإخوان وحزب التحرير ومحمد رجب ديب
وغيرهم.. إلا أننا قد وصلنا إلى الزمان الذي كثر فيه المبطلون والمفترون وأدعياء
العلم الذين يغشون الناس في دينهم ويبيعون الدنيا بعرض من الدنيا ورجاء دراهم
قليلة, فصاروا يتصدرون للتدريس والتأليف والفتوى, ويتكلمون في دين الله برأيهم
وهواهم ويضعون القرءان في غير محله لنصرة مذهبهم الفاسد الذي حوى عقيدة التشبيه
والتجسيم ومخالفة السلف والخلف ويتهجمون على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
فيضعّفون ما يخالف عقيدتهم ويخرقون إجماع الأمة المحمدية ويتطاولون على صحابة رسول
الله والسلف الصالح وعلماء الأمة الأجلاء من أشاعرة وماتردية شافعية كانوا أو
حنفية أو مالكية أو من فضلاء الحنابلة, فهذا ولا شك طبع الجاهل وسلاح المفلس
العاجز الذي انطبق عليه قوله عليه الصلاة والسلام :{أناسٌ من جِلْدَتِنا
يَتَكَلَّمونَ بألسِنَتِنا تعرفُ منهم وتُنْكِر، دُعاة على أبوابِ جهنَّم من
استجاب لهم قذفوهُ فيها} رواه البخاري.
ومن هؤلاء, رجل نسب نفسه للعلم والعلماء, والحديث والمحدثين زورا وبهتانا, فأطلق
لسانه وقلمه بغير علم, وعمد من خلال فتاويه إلى زرع الفتنة وبث الحقد والعداوة
والبغضاء بين المسلمين, إنه الساعاتي المدعو( ناصر الدين الألباني) الذي كفانا
مؤنة نفسه في الرد عليه حيث وصف نفسه بأنه كان يعمل ساعاتيا وكانت هوايته قراءة
الكتب بدون تلقّ للعلم من أهله ودون أن يكون له إسناد معتبر فيه, فتخبط هنا وهناك
بين الكتب ونسب نفسه إلى السلف مع مخالفته لهم في العقيدة والأحكام الفقهية.
وزعم أنه من المحدثين وهو لا يحفظ حديثا واحدا بالإسناد المتصل إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم. ثم كيف يكون محدثا وهو يصحح أحاديث في كتبه ويحكم عليها بالتضعيف
في مواضع أخرى والعكس, ويتهجم على علماء المحدثين بعبارات الازدراء والتهكم, وهو
مع ذلك يكابر ويماري ويجادل بالباطل لهوى نفسه فيتجرأ على البخاري ومسلم وغيرهما,
فيضعف من الأحاديث ما أجمع الحفاظ على صحتها, فهو بهذا شذّ عما عليه جمهور الأمة
المحمدية من أشاعرة وماتُريدية الذي ادعى زورا وبهتانا أنهم أهل بدعة, سبحانك ربنا
هذا بهتان عظيم.
وهو أيضا شذّ عن الشرط الذي اشترطه علماء الحديث, لأن التصحيح والتضعيف من وظيفة
الحافظ, وقد صرّح بذلك كثير منهم في مؤلفاتهم, ويكفي في ذلك قول الحافظ السيوطي في
ألفية الحديث:
وَخُذْهُ حَيْثُ حَافِظٌ عَلَيْهِ نَصْ-----أَو مِن مُصَنِّفٍ بِجَمْعِهِ يُخَصْ
فكيف تجرأ مَعْ بعدِهِ عن أهلية التصحيح والتضعيف بُعد السماء عن الأرض على
تسمية بعض مؤلفاته الصحيحة – يعني بذلك أنه جمع فيها الأحاديث الصحيحة فقط - ,
وبعضها ضعيفة.
فما هذه الجرأة والوقاحة اللتان يتصف بهما هذا الرجل, حيث أوهم تلاميذه الذين
أعماهم الله بأنه من أهل التصحيح والتضعيف, على أنه اعترف في بعض مجالسه بأنه ليس
بحافظ, فلو كان هذا الرجل اطلع على كتب الحديث لعَلِم أن التصحيح ليس من وظيفة
المحدث, ولا من هو دونه, ولعلم أن الحافظ هو من له وظيفة التصحيح والتضعيف كما
بينا. وقد ذُكر لنا أن رجلا من المحامين قال له: أنت محدث؟ قال: نعم, قال: تروي
لنا عشرة أحاديث بأسانيدها, قال: أنا لست محدث حفظ, بل محدث كتاب, فقال الرجل:
وأنا أستطيع أن أحدّث من كتاب, فأسكته.
فويل للذين قلّدوه من أتباعه الذي يشتغلون بالتعليق على كتب المحدثين فليتقوا
الله فإنهم تائهون كما تاه متبوعهم, ولا يقلّد هذا الألباني إلا المغترون الذين لا
يحسنون قواعد علم الحديث لم يؤتوا حظا لحفظ متون الأحاديث ولا في دراية قواعده مثل
علي الحلبي, ومراد شكر, ومحمد شقرة, وعمر الأشقر, وسليم الهلالي وغيرهم. فغيرةً
منا على ديننا وعقيدتنا وسنة نبينا وانتصارا للسلف والخلف أهل الحق, وحرصا منا على
تبيان حال من شبّه الخالق سبحانه وتعالى بخلقه وتجرأ على حديث رسول الله وضلل
المسلمين, فعملا بالآية الكريمة { وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى
الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ
وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } (104) [سورة ءال عمران], وقوله تعالى:{ بَلْ
نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ
الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ } (18) [سورة الأنبياء]. فإنا وبحمد الله وفضله علينا
أن أعطانا القدرة على نشر هذا التحذير من المدعو ناصر الدين الألباني. سوف نرى في
هذا التحذير إن شاء الله معظم ضلالاته والرد عليها. ولِيُعلم أن هذا الرد كُتِبَ
في حياة الألباني, وقد غيرت بعض العبارات للمناسبةِ وسميته: "تبيين ضلالات
الألباني, شيخ الوهابية المُتَمَحْدِث".
|
|