الفصل الثامن يعتبر الألباني النبي صلى الله عليه و سلم ضالا كما يعتبر المتوسلين بالأنبياء و الأولياء ضالين
و من مقالاته الكفرية قوله في فتاويه (1) ما نصه:" أنا أقول هؤلاء- يعني
المتوسلين بالأولياء و الصالحين و الذين يحرمون اتباع الكتاب و السنة- و لا أتورع
من أن أسميهم باسمهم هؤلاء ضالون عن الحق، و لا إشكال في إطلاق هذا التعبير
إسلاميًا حين أقول إنهم ضالون عن الحق فإن الله عز و جل أطلق على نبيه عليه السلام
أنه حينما كان قبل نزول الوحي عليه يقول:{ وَوَجَدَكَ ضَآلّاً فَهَدَى (7)} [ سورة
الضحى]" اهـ.
ففي هذا الكلام جعل الألباني الرسول ضالا كضلال من حكم عليهم هذا الرجل من علماء
الإسلام و عوامهم لتوسلهم بالأنبياء و الأولياء و هذا عنده شرك، فحكم على الرسول
بما حكم به على علماء المسلمين و عوامهم لضلالهم و كفرهم كما زعم، فهذا طعن في
الرسول صلى الله عليه و سلم صريح، و من طعن في الرسول فقد أجمع علماء الإسلام على
كفره، فهذا دليل على أنه لا يحترم الأنبياء لأنه انتقص
أفضلهم و أكرمهم على الله و هو نبينا محمد، فبعد تقيصه للرسول صلى الله عليه و سلم
فهل يهون عليه تنقيص من سواه كائنًا من كان، هذا مبلغ اعتقاد هذا الرجل فإنه جعل
نفسه حاكما على كل من سواه من غير تفريق بين النبي و بين أفراد أمته.
و ليس معنى الآية كما زعمه هذا الملحد الوقح إنما معناها على أحد التفاسير للعلماء
أن الرسول عليه السلام قبل أن ينزل عليه الوحي كان لا يعلم تفاصيل أحكام الشريعة
إنما عرف تفاصيل أحكام الشريعة بعد أن أنزل الله عليه الوحي.
و هذه الآية مثل ءاية:{ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا
مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ (52)} [ سورة الشورى] أي قبل
أن نعلمك بالوحي لا تدري ما هو القرءان و ما تفاصيل الإيمان، و ليس معناه أنك يا
محمد كنت كافرًا فهديناك إلى الإسلام و الإيمان، فإذا كان هذا الرجل يتجرأ على
الطعن في الرسول فلا يستغرب إذا تجرأ على غيره من الأكابر في الدين كالصحابة و من
جاء بعدهم، فإنه ساوى الرسول صلى الله عليه و سلم بالضالين الكافرين، فالرسول عليه
الصلاة و السلام قبل نزول الوحي عليه كان عارفًا بربه مؤمنًا به أنه لا يستحق أحد
غيره أن يعبد حتى أكرمه الله بالوحي فأعطاه الله تعالى من علم أحكام الإيمان و
أمور الآخرة فجعله أعلم الأولين و الآخرين بأمور الدين صلى الله عليه و سلم أتم
صلاة و سلام عليه و على ءاله و ذريته و صلى و سلم على جميع إخوانه من النبيين.
فإذا كان الألباني تجرأ على ذكر سيدنا محمد في عداد الضالين و يعني هذا الرجل
بالضالين الذين ألحق الرسول بهم من هم مشركون عنده لأن التوسل بالأنبياء و
الأولياء شرك عنده و عند طائفته، فكيف يشبه سيدنا محمدًا صلى الله عليه و سلم
بهؤلاء لمجرد أن الله تعالى قال في حقه:{ وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى (7)} [ سورة
الضحى] و معنى الآية غير هذا الذي أراده الألباني، لأن الضلال الذي تفيده هذه الآية
هو ان الرسول لم يكن عالمًا بعلوم الشريعة قبل نزول الوحي عليه كما قدمنا، فكأن
هذا الرجل فال الرسول كان كافرًا كما أن هؤلاء المتوسلين بالأنبياء و الولياء كفار
و كما أن من يحرم اتباع الكتاب و السنة كافر، فما الذي دعاه إلى غلحاق سيدنا محمد
بمن يعتبرهم مشركين كافرين لأنهم يتوسلون بالأنبياء و الأولياء، و التوسل
بالأنبياء و الأولياء أجمع عليه المسلمون سلفهم و خلفهم لم يخالف في هذا إلا ابن
تيمية، ثم هؤلاء – أعني الألباني و جماعته المشبهة – قلدوه، فالمسلمون مع اختلاف
طبقاتهم في الفضل في الدين كانوا متوسلين بالأنبياء و الأولياء و إن كان هذا الأمر
عند هذا المعكوس القلب كفرًا، و لن يستطيع هذا الملحد إثبات منع التوسل بالأنبياء
و الولياء من عالم معتبر قبل ابن تيمية، فليعلم أن هذا الرجل هواه الغض من قدر
الأولياء و الصالحين إلا فرقته و زعيمهم محمد بن عبد الوهاب و زعيمهم الأول ابن
تيمية فإن هؤلاء عندهم هم المسلمون الحقيقيون.
و لو عبر هذا الرجل بما في نفسه لقال بعبارة صريحة: " لا يوجد مسلمون سوى طائفتنا
الوهابية" كما قال زعيمهم السابق محمد بن عبد الوهاب:" من دخل دعوتنا فله ما لنا و
عليه ما علينا، و من لم يدخل في دعوتنا فهو كافر مباح الدم"، و قد نقل ذلك خلق
منهم العالم الجليل الشيخ أحمد بن زيني دحلان المكي و الشيخ محمد بن عبيد الله
النجدي مفتي الحنابلة في مكة المكرمة المتوفى في أواخر القرن الثالث عشر في كتابه
" السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة" فقال في زعيمهم هذا إنه يكفر من خالف رأيه و
يستحل قتله، و شواهد أفعال أتباعه تشهد بذلك.
--------------------------------------------------------------
(1)- فتاوى الألباني (ص/ 432).
|