الفصل السادس عشر شذوذ الألباني في الأحكام
يتنطع اللباني فيحرم على المرأة أن تلبس الذهب المحلق (1) و يعني بذلك الخاتم و
السوار و السلسلة من الذهب و يتبجح بتفاخره بهذا لآنه في نفسه يرى مقولة
الوهابية:" هم رجال و نحن رجال "، كأنه ما سمع بحديث رسول الله عن الذهب:" و حل
لإناثهم " (2)، و لم يسمع بالإجماع الذي نقله البيهقي و غيره (3).
و قد حرَّم الألباني أيضًا الوضوء بأكثر من مد و حرًّم الاغتسال بأكثر من خمسة
أمداد، لأنه من شدة تهوره قال إن هذا مأخوذ من حديث أنس (4):" كان- أي رسول الله –
يتوضأ بالمد و يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد "، و نسوق كلام شيخنا العلامة المحدث
الهرري في الرد عليه و نصُّ
عبارته:" و من أعجب شذوذات الألباني أنه حرم الوضوء بأكثر من مد أي مقدار (125)
غرامًا تقريبًا أي ما يساوي ثلاثة أرباع كوب من الماء و على حساب وزن المد من الحب
نحو (400) غرام، و حرَّم الاغتسال بأكثر من صاع و هو اربعة أمداد، نشرت ذلك عنه
مجلة التمدن الإسلامي في دمشق و حدثنا عنه بذلك بعض من شافهه، فكان ردّي في ذلك
موجهًا إليه الخطاب: كنت تأخذ بمذهب الحنفي و تدعي أنك لا تخرج عنه إلا إلى قول
قاله مجتهد ءاخر و ها أنت قد خرجت إلى قول لم يقل به عالم قط فلم يردّ جوابًا و
انقطع. و كان استناده في تحريم ذلك حديث مسلم عن أنس: كان رسول الله يتوضأ بالمد و
يغتسل بالصاع، و أين في الحديث تحريم الزيادة على المد في الوضوء على ان مسلمًا
أورد أيضًا في نفس الباب رواية: " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم بخمس مكاكيك و
يتوضأ بمكوك "، و المكوك مقدار صاع و نصف يفهم ذلك من القاموس و غيره و إن فسره
النووي بالمد و لا وجه لذلك.
و على مذهب الألباني يا ويل الذين يزيدون على ذلك لكونهم أصحاب الحِرف الوسخة حيث
لا يقتصرون لجميع وضوئهم على المد فهم ءاثمون ضالون على قوله، ففيما ذهب إليه
تضييق لدين الله الواسع و حرج عظيم و الله تعالى يقول:{ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ
فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ (78)} [ سورة الحج ].
و كذلك يكفي في الرد عليه حديث ابن حبان (5) عن ابن عباس قال: حدثتني خالتي ميمونة
قالت: أدنيت لرسول الله صلى الله عليه و سلم غسلَه من الجنابة قالت: فغسل كفيه
مرتين أو ثلاثاُ ثم أدخل كفَّه في الإناء فافرغ بها على فرجه فغسله بشماله ثم ضرب
بشماله الأرض فدلكها دلكًا شديدًا، ثم توضأ وضوءه للصلاة، ثم أفرغ على رأسه ثلاث
حفنات مِلء كفيه ثم تنحّى غير مقامه ذلك فغسل رجليه ثم أتيته بالمنديل فردّه "،
فإذا كان أفرغ على رأسه ثلاث حفنات ملء كفيه هذا لرأسه فقط فماذا يكون جملة ما
أخذه لبدنه؟
و ذكر الإمام المجتهد ابن المنذر في كتاب " الأوسط" (6) ما نصه: " و قد أجمع أهل
العلم على أن المدَّ من الماء في الوضوء و الصاع في الاغتسال غير لازم للناس. و
كان الشافعي يقول:" و قد يُرفق بالماء القليل فيكفي و يُخرق بالكثير فلا يكفي "، و
صدق الشافعي هذا النص قال:" موجود من أفعال الناس ". انتهى كلام شيخنا الهرري.
و فعل اللباني يشهد عليه بكذبه حيث كان يغترف من برك بعض المساجد في دمشق كما يغترف
غيره للوضوء فقد شوهد و هو يغترف من البركة على حسب العادة المعروفة في دمشق و ذلك
القدر لا يقل عن عشرة أمداد، فمن هنا يصح أن يقال إنه كالمثل القائل :" خالف
تُعرف".
فعلى قول اللباني كل مسلم يتوضأ اليوم فهو عاص بوضوئه، فمن منكم أيها المسلمون
يتوضأ بمقدار المد من الماء فانظروا فقد جعلكم هذا البدعيُّ عصاةً بوضوئكم، و دين
الله يسر واسع ليس حرجًا قال الله تعالى:{ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ
مِنْ حَرَجٍ (78)} [ سورة الحج ]، فهذا الرجل جعل دين الله حرجًا بإيجابه الاقتصار
على المدّ من الماء لكل وضوء، انظروا إلى ما يؤدي إليه كلام هذا الرجل.
----------------------------------------------------
(1)- كما في كتابه "ءاداب الزفاف " (ص/132).
(2)- أي إناث الأمة، رواه الترمذي: كتاب اللباس: باب ما جاء في الحرير و الذهب.
(3)- السنن الكبرى (4/142)، المجموع للنووي (4/442)، فتح الباري (10/317).
(4)- أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الحيض: باب القدر المستحب من الماء في غسل
الجنابة.
(1)- انظر الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان (2/251).
(2) الأوسط (1/361).
|