الفصل السابع عشر تحريم الألباني استعمال السبحة للذِّكر
من جملة بدع هذا الرجل المحرَّمة تحريمه استعمال السُّبحة للذِّكر(1) و هو بهذا
خالف السلف و الخلف فقد كان العبَّاد الصالحون من السلف الذين يقتدى بهم يستعملون
السبحة كالجنيد بن محمد البغدادي من أهل القرن الثالث و الذي قال فيه ابن تيمية
إنه إمام هدى ذكر ذلك في أكثر من كتاب من كتبه.
و من الدليل على جوازه الحديث الذي أخرجه ابن حبّان و صحَّحه (2) و حسَّنه الحافظ
ابن حجر في أماليّه (3) أن الرسول صلى الله عليه و سلم دخل مع سعد ابن أبي وقاص
على امرأة في يدها نوى أو حصا تسبح بها فقال:" ألا أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا
و أفضل: سبحان الله عدد ما خلق في السماء، و سبحان الله عدد ما خلق في الآرض، و
سبحان الله عدد ما هو خالق، و الله أكبر مثل ذلك، و الحمد لله مثل ذلك، و لا إله
إلا الله مثل ذلك، و لا حول و لا قوة إلا بالله مثل ذلك ".
هذا سياق لفظ الحديث عند ابن حبان، و أما سياق لفظ الحديث الذي رواه الحافظ ابن حجر
فهو هكذا:" سبحان الله عدد ما خلق في السماء، و سبحان الله عدد ما خلق في الآرض، و
سبحان الله عدد ما هو خالق، و الله أكبر مثل ذلك، و الحمد لله مثل ذلك، و لا إله
إلا الله مثل ذلك، و لا حول و لا قوة إلا بالله مثل ذلك ".
فإن قال الألباني هذا الحديث ضعيف لأن أحد رواته مختلف فيه قيل له: كلامك لا عبرة
به بعد تصحيح ابن حبان و تحسين الحافظ ابن حجر له في الأماليّ، و أنت لست من أهل
التصحيح و التضعيف، بينك و بين هذه المرتية بَوْنٌ بعيد فاعرف نفسك أين أنت، فإنَّ
الحافظ من الحفَّاظ قد يصحّح أو يضعَف حديثًا في بعض رواته من هو متكلَّم فيه
لشاهدٍ أو اعتبار، أو لأن ذلك الراوي المختلف فيه ثقة عندهم، لأن كثيرًا من الرواة
مختلف فيهم يعتبره بعض أهل الجرح و التعديل ثقةً و يعض يعتبره ضعيفًا.
ثم من المعلوم عند المحدثين أن الضعيف يعمل به في الأذكار و الدَّعوات و المناقب و
فضائل الأعمال و التَّفسير كما ذكر ذلك الحافظ البيهقي في المدخل، و السبحة
المستعملة اليوم و قبل اليوم في معنى الخيط الذي كان أبو هريرة يسبّح به و كان فيه
ألفا عقدة ثبت أنه كان يسبّح اثنتي عشرة ألف تسبيحة كل يوم و كان يقول: أسبّح الله
بقدر ذنوبي، فلا فرق بين ذلك الخيط و بين النَّوى و الحصا كما قال الشوكاني في
السبحة، و أنت يا ألباني طالما شوَّشت على المسلمين بتحريم ما يحرّم الله فهل لك
في الرجوع إلى ما عليه المسلمون قبل فوات الأوان.
-----------------------------------------------------------------
(1)- انظر كتابه المسمى " سلسلة الأحاديث الضعيفة "، رقم الحديث/83.
(2)- انظر الإحسان بترتيب ابن حبان (2/101).
(3)- نتائج الأفكار في تخريج أحاديث الأذكار (1/77).
|