الفصل التاسع عشر يدعي الألباني أن قيام اليل بأكثر من إحدى عشر ركعة بدعة و يرى أن هذا ليس بطاعة
و من أعجب شذوذ الألباني ما ادعاه في فتاويه بقوله (1): "... ثم ما هي البدعة،
البدعة فيما تذهبون إليه من قوله عليه السلام:" كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار
" ما هي البدعة؟ أليس هي الزيادة على ما جاء به الرسول صلى الله عليه و سلم من
طاعة و عبادة؟! إن كان كذلك فإن الجواب الذي قلته ءانفًا بأن الأصل في العبادات
المنع إلا لنص" اهـ، ثم قال: " فأنا أقول إن عجبي يكاد لا ينتهي من مثل هذا القول،
أصلاة مائة ركعة طاعة أم غير طاعة؟ إن كانت طاعة كيف غفل عنها رسول الله؟ لماذا لم
يسن و لو مرة واحدة في حياته؟ هل صلى مائة ركعة مرة واحدة في هذه الفترة الطويلة
جدًّا ؟!" اهـ.
الرد: هذا القول يرده الحديث الذي صححه ابن حبان و وافقه عليه الحافظ ابن حجر (2):
" الصلاة خير موضوع فمن شاء استكثر و من شاء استقل "، و حديث البخاري
و مسلم (3):" صلاة الليل مثنى مثنى " فيه ترك التحديد بعدد فيشمل سبع ركعات و تسعًا
و إحدى عشرة و ثلاثة عشر إلى عشرين إلى أربعين إلى مائة إلى أكثر من ذلك كل هذا
شىء موافق، و ليس الرسول فعل كل ما رغّضب فيه، فظنك أن أي عمل من أعمال الدين لم
يفعله الرسول بعينه باطل جهل منك فالله تبارك و تعالى قال:{ يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً (41)} [ سورة الأحزاب ]
فيشمل العشرة و المائة و الألف و الألفين و ما فوق ذلك مع أنه لم يُنقل عن الرسول
في الأحاديث الواردة أنه كان يستغفر مائتي استغفارًا أو الفًا غنما الوارد عنه أنه
قال (4):" إني لأستغفر الله في اليوم و الليلة مائة مرة "، و قال (5):" رب اغفر لي
و تب على إنك أنت التواب الرحيم " مائة مرة، فهل يفهم من هذا و أمثاله أنه لا يجوز
الزيادة على هذا القدر ما أجهلك يا الباني و ما أجرأك على الكذب على الله و
الرسول، أليس ثبت عن أبي هريرة أنه كان يسبح اثنتي عشرة ألف تسبيحة
كل يوم و يقول: " أسبح بقدر ذنبي "، إلى متى يا رجل تهدم الحق و تبني الباطل، فعلى
قولك أبو هريرة عصى الله، و اهل المدينة الذين كانوا يقومون في رمضان بستة و
ثلاثين ركعة ضالون على زعمك خاب سعيهم و ضل و أتعبوا انفسهم فيما هو معصية لله، و
حديث أبي هريرة رواه ابن سعد و صححه الحافظ ابن حجر (6).
(1)- فتاوى الألباني (ص/315-316).
(2)- انظر الإحسان بترتيب ابن حبان (1/287)، فتح الباري (2/479).
(3)- أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الوتر: باب ما جاء في الوتر، و مسلم في صحيحه:
كتاب صلاة المسافرين و قصرها: باب صلاة الليل مثنى مثنى.
(4)- أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الذكر و الدعاء: باب استحباب اإستغفار و الاستكثار
منه.
(5)- سنن اب داود: كتاب الصلاة: باب في الاستغفار.
(6)- افصابة في تمييز الصحابة (4/209).
|