|
|||
عمرو خالد يوجب على المسلمين ما ليس واجبًا - يقول عمرو خالد في كتابه المسمى "عبادات المؤمن" صحيفة (202): "سيقتصر حديثنا على خمس واجبات: الأول: كثرة القراءة وتحديد ورد ثابت كل يوم، والسؤال هل هناك مسلم لا يمكن أن يختم القرءان في حياته هذه مصيبة كبرى" اهـ، ثم يقول: "واحذر أن يشهد عليك القرءان أنك هجرته يوم القيامة" اهـ. الرد: عمرو خالد له عادة بإيجاب ما لم يوجبه الشرع وها هو هنا يعتبر أن كثرة قراءة القرءان واتخاذ وردٍ يومي واجب على المسلم وهذا الكلام بلا دليل، نعم قراءة القرءان لها فضل سواء قلّت أم كَثُرت لكن الواجب قراءتُهُ عينًا على المسلم المكلف من القرءان هو سورة الفاتحة في الصلاة فقط.
وقد مات خالد بن الوليد رضي الله عنه ولم يكن أخذ من القرءان إلا سورًا معدودة ولم يختم القرءان ولا كان له ورد يوميّ طويل منه فهل كان خالد رضي الله عنه عاصيًا ءاثمًا عند عمرو خالد أم ماذا؟
لِيُجِبْ عمرو إن كان له جواب.
- قال عمرو (ص/204): "الثاني تعلم قراءة القرءان" اهـ.
الرد: إن تعلم قراءة القرءان كله ليس فرضًا عينيَّا على كل مسلم إنما الفرض على كل مسلم مكلف تعلم قراءة سورة الفاتحة صحيحةٌ.
- وأما قول عمرو (ص/212) : "ومن لا يتدبر القرءان لا شك أن على قلبه قفلاً، قال تعالى: ] أفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ[ [سورة محمد/24]" اهـ. فالرد: قال القرطبي في تفسيره (الجزء 16 صحيفة 246): قوله ] أفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ
[ [سورة محمد/24] أي يتفهمونه فيعلمون ما أعد الله للذين لم يتولوا عن الإسلام ]
أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ[ [سورة محمد/24] أي بل على قلوب أقفال أقفلها الله عز وجل فهم لا يعقلون.
وهذا يَرُدُّ على منكري القدر ثم قال وفي حديث مرفوع أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "إن عليها أقفالاً كأقفال الحديد حتى يكون الله يفتحها..." ثم قال فالأقفال هنا إشارة إلى ارتتاج القلب وخلوه من الإيمان أي لا يدخل قلوبهم الإيمان
ولا يخرج منها الكفر لأن الله تعالى طبع على قلوبهم اهـ. حاصل الأمر يا عمرو أن الآية هي في الكفار وليست في المؤمنين. فأنت صرت هنا مثل الخوارج الذين قال فيهم عبد الله بن عمر: "عمدوا إلى ءايات في الكفار فجعلوها في المؤمنين" اهـ، والله المستعان.
- قال عمرو (ص/212): "الخامس: مراجعة ما نحفظ من القرءان فلا يصح لمسلم أن يحفظ كلام الله ثم ينساه" اهـ ثم استشهد بالحديث: "عُرضت عليَّ ذنوب أمتي فلم أجد ذنبًا أعظم من سورة أو ءاية من قرءان أوتيها رجل ثم نسيها".
الرد: أولاً: إن هذا الحديث ضعيف، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري في شرح البخاري ج12 ص 183: "ومن الضعيف في ذلك نسيان القرءان أخرجه أبو داود والترمذي عن أنس رفعه: نظرت في الذنوب فلم أرَ أعظم من سورة من القرءان أوتيها رجل فنسيها".
ثانيًا: الإمام أبو يوسف القاضي صاحب أبي حنيفة أوَّلَ هذا الحديث مع ضعفه بأن معناه ترك العمل بالقرءان وذلك بإضاعة الفرائض وارتكاب الكبائر، وأما من فسر هذا الحديث بأن الذي ينقص حفظه عما كان عليه فعليه معصية فهذا غلو لأنه يؤدي إلى جعل الحرج في الدين لأنه حكم على من كان حفظه قويًّا ثم خفَّ بأنه صار من أهل الكبائر، وأمر النسيان ليس بيد الشخص. ومعنى كلامه هذا أنه لا يكاد يسلم شخص واحد من أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم من الكبائر، وهذا خطر خطير وشر مستطير.
ثالثًا: مثل هذا الكلام يحث الناس على الابتعاد عن حفظ القرءان ولو القليل منه بدل تشجيعهم على حفظه وذلك لئلا يقعوا في الكبيرة إذا نسوا منه شيئًا. فهذا الحديث على ظاهره مردود لضعفه ولمخالفته للأحاديث الصحيحة ولا سيما الحديث الذي رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنّسائي
وأحمد قال رجل للنبي صلّى الله عليه وسلّم أي الذنب أعظم عند الله قال "أن تجعل لله ندًّا وهو خلقك" قال ثم أي قال: "أن تقتل ولدك خشية إملاق" قال ثم أي قال: "أن تُزانيَ حليلة جارك" قال الله تعالى تصديقها ]
وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا ءاخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ [ [سورة الفرقان/68] ثم إذا تتبعت الأحاديث الصحيحة التي تذكر الكبائر وهي كثيرة مثل الحديث الذي رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنَّسائي "اجتنبوا السبع الموبقات" والحديث الذي رواه البخاري ومسلم والترمذي وأحمد "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر"، وغيرها من الأحاديث لَما وجدت فيها أن من الكبائر من نسي شيئًا حفظه من القرءان.
- يقول عمرو خالد في كتابه المسمى "عبادات المؤمن" صحيفة (197): "فالذي يقرأ القرءان يجب أن يستحضر أنه يسمع كلام الله مباشرة" اهـ. الرد: هذا خلاف مذهب أهل السنة لأن سماع كلام الله إن أريد به الكلام الأزلي الذي هو صفة قائمة بذات الله الذي ليس حرفًا ولا صوتًا فقارئ القرءان لا يلفظ إلا بالحروف المنزلة التي قرأها جبريل على نبينا محمد وجبريل أخذه بأمر الله من اللوح المحفوظ ليس الله قرأه بالحرف والصوت كما قرأ هو على سيدنا محمد وكلام عمرو خالد مخالف لما تقرر عند أهل السنة كلهم الأشاعرة و الماتريدية وخالفت المشبهة فقالت إن الله يتكلم بالحرف والصوت ويلزم على مذهبهم نسبة الحدوث إلى الله لأن الكلام المؤلف من الحروف والصوت هو شىء حادث والله لا يتصف بصفة الحادث لأن اتصاف الذات بصفة حادثة علامة الحادث والله منزه عن الحدوث ذاتًا وصفةً لأن الحرف والصوت عرض وهو من دلائل الحدوث وإنما عرف الخلق خلقًا عقلاً بأمارة الحدوث.
وهذا دليل على أن عمرو خالد لا يفرق صفة الحادث من صفة القديم الأزلي الأبدي وهو الله.
والقرءان بمعنى اللفظ المنزل المتلو على أفواه المؤمنين ليس عين كلام الله الأزلي بل هو مقروء جبريل قال الله تعالى: ]
إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ[ [سورة الحاقة/40] والرسول الكريم هو جبريل بإجماع المفسرين ولو كان الله متلفظًا بالقرءان بالحرف والصوت لما نسبه إلى جبريل بل لقال إنه لقولي، فأول واجب يلزم عمرو خالد أن يتعلم عقيدة أهل الحق أهل السنة والجماعة وهو على زعمه يتكلم على مذهب أهل السنة لأنه عاش بينهم.
|
|||||