|
|||
العارف بالله القطب الشيخ عبدالقادر الجيلاني رضي الله عنه ومن أشياخ الخرقة وقادة الطريقة وسادات فرسان الحقيقة الإمام العارف الرباني والغوث الكبير الباز الأشهب والطراز المذهب الجامع لأشتات المعاني شيخ الإسلام أبو محمد محي الدين عبدالقادر بن أبي صالح بن موسى الجون بن عبدالله المحض بن الحسن المثنى بن أمير المؤمنين علي عليه السلام رضوان الله تعالى عليهم أجمعين. أخذ العلوم الشرعية والفنون الدينية حتى فاق أهل زمانه وتميز من بين أقرانه ولد بجيل، وهي بلاد متفرقة وراء طبرستان. وكان نحيف البدن، ربع القامة، عريض الصدر، عريض اللحية، طويلا أسمر، مقرون الحاجبين، ذا صوت جهوري، وسمت بهي، وقدر علي، وعلم وفي، رضي الله عنه، وكان يزدحم عليه الخلق، وكان الناس يأتون على الخيل والبغال والحمير والجمال يقفون بما وراء الحلقة والمجلس كالسور، وكان يحضر المجلس نحو سبعين ألفا، وكان إذا صعد الكرسي لا يتكلم أحدٌ هيبةً له، ومن بعض كراماته أن أقصى الناس في مجلسه يسمع صوته كما يسمع أدناهم منه على كثرتهم، وكان يتكلم على خواطر الناس ويواجههم بالكشف، وربما خطا في الهواء على رؤوس الأشهاد، ثم يرجع إلى جلوسه على الكرسي، وكان يقول: اتبعوا ولا تبتدعوا، وأطيعوا ولا تمزقوا، واصبروا ولا تجزعوا، وانتظروا الفرج ولا تيأسوا، واجتمعوا على ذكر الله ولا تفرقوا، وتطهروا بالتوبة عن الذنوب ولا تلَطخوا، وعن باب مولاكم لا تبرحوا. وكان يقول قدس الله سره: كونوا بوابين على باب قلوبكم، وأدخلوا ما يأمركم الله بإدخاله، وأخرجوا ما يأمركم بإخراجه، ولا تدخلوا الهوى قلوبَكم فتهلكوا، احذروا ولا تركنوا، وخافوا ولا تأمنوا، وفتشوا ولا تغفلوا فتطمئنوا ولا تضيفوا إلى أنفسكم حالا ولا مقاما، ولا تدعوا شيئا من ذلك، ولا تخبروا أحدا بما يطلعكم الله عليه من الأحوال، فإن الله تعالى يحول بين العبد وقلبه، فيزيلكم عما أخبرتم الناس به، ويعزلكم عما تخيلتم ثباته، بل احفظا ذلك ولا تتعدوا، فإن كان الثبات والبقاء فاشكروا الله عليه فإنه موهبة منه. وكان يقول قدس الله سره: إياكم أن تحبوا أحدا أو تكرهوه إلا بعد عرض افعاله على الكتاب والسنة كيلا تحبوه بالهوى وتبغضوه بالهوى، واعلموا أنه لا يجوز لكم هجر أحد على الظن والتهمة. وكان يقول: من علامة حب الآخرة الزهدُ في الدنيا، ومن علامة حب الله فيما سواه. وهو شيخ الطريقة القادرية السنية الباهرة الإشراق، والتي عمّ ذكرها في الآفاق، وإليه ينتسب مشايخ هذه الطريقة البهية، أمدنا الله بأمداده النورانية. |
||