شرح حديث الجارية (4)
هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم (81)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح حديث الجارية (4)
ثُمَّ التَّأويلُ، بعْضُ أهْلِ السُّنةِ قالوا: "بِلا كَيْفٍ"، ليْسَ على حَسَبِ الشَّكْلِ والكَمِّيَّةِ، أو يُقالُ: "على ما يليقُ باللهِ"، كمَا في ءايةِ: الرَّحْمَن عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى [سورة طه، 5] لِنَفْيِ التَّحَيُّزِ والْجُلوسِ على الْعَرْشِ عنِ اللهِ، وفي ءايةِ: فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ [سورة البقرة، 115] يُقال: "فَثَمَّ قِبْلَةُ اللهِ"، كمَا قَالَ بَعْضُ السَّلفِ، مُجاهِدٌ، الَّذي أخذَ الْعِلْمَ عنْ ابنِ عبَّاسٍ رضيَ اللهُ عَنْهُمَا.
أمَّا ءايةُ: وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدين [سورة الصّافات] معناهُ إلى الْمَكانِ الَّذي أعبدُ فيهِ رَبِّي بِلا إِيذَاءٍ، لأَنَّ قوْمَهُ رَمَوْهُ في النَّارِ فلَمْ يَحْتَرِق، ومَعَ هذا لَمْ يُسلمُوا لَهُ، لَمْ يتَّبعُوهُ في الإِسْلاَمِ.
وَمِنَ الْمُهِمِّ أَنْ نُورِدَ مَا ذَكَرَهُ الإمامُ الْحَافِظُ الْبَغْدَاديُّ في كِتَابِهِ الْفقيهُ وَالْمُتَفَقِّهُ (صحيفة 132) قالَ: "لا تَثْبُتُ الصِّفَةُ للهِ بِقَوْلِ صَحَابِيٍّ أوْ تابِعِيٍّ إِلا بِمَا صَحَّ مِنَ الأحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ الْمُتَّفَقُ عَلى تَوْثِيقِ رُوَاتِها، فَلا يُحْتَجُّ بِالضَّعيفِ وَلا بِالْمُخْتَلَفِ في تَوْثِيقِ رُواتِهِ، حَتَّى لَوْ وَرَدَ إِسْنادٌ مُخْتَلَفٌ فيهِ وجاءَ حديثٌ ءاخَرُ يَعْضِدُهُ فَلا يُحْتَجُّ بِهِ" أيْ لإثْبَاتِ صِفَةٍ للهِ فَيُؤخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ حَديثَ الْجَارِيَةِ لا تَثْبُتُ بِهِ صِفَةٌ للهِ لأَنَّهُ حُكِمَ عَلَيْهِ بالاضْطِرَابِ وَالاضْطِرَابُ عِلَّةٌ تَقْتَضِي ضَعْفَ الْحَديثِ. بَعْدَ هَذَا كَيْفَ سَاغَ لِلْمُشَبِّهَةِ أَنْ يَعْتَمِدُوا عَلَى تَحْرِيفٍ لِحَديثٍ ضَعِيفٍ رَوَاهُ صَحَابِيٌّ وَاحِدٌ وَيَتْرُكُون الْحَديثَ الصَّحيحَ الذي روَاهُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَحابيًّا.
وَقَدْ نَصَّ على نَفْيِ التَّحَيُّزِ في الْمَكانِ وَالْجِهَةِ والاتِّصالِ والانْفِصالِ والاجْتِماعِ والافتراقِ عَنِ اللهِ تعالى خَلْقٌ كَثيرٌ مِنْ مشاهيرِ عُلَماءِ الْمَذَاهِبِ الأرْبَعَةِ، فلتراجَعْ نُصوصُهم.
مواضيع ذات صلة
|
|
|
|
|
|