بيان أنّ الإنسان خلق في أحسن تقويم وأنّ آدم جميل الشكل
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيّد المرسلين سيدنا محمد و على ءاله و صحبه أجمعين.
أمّا بعد، فقد قال الله تبارك وتعالى: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} الله تعالى أقسم بهذه الأشياء التين والزيتون لعظم منافعهما من منافعهما ما نعرف وما لا نعرف لكن علينا أن نعتقد أنّ لهما شأنا عظيما وذكر طور سينين وهو الجبل الذي سمع موسى كلام الله وهو هناك وهذا البلد الأمين أي مكة، الله تعالى أقسم بهؤلاء الأربعة لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم: معناه أنّ الله يقسم يحلف بأنه خلق الإنسان في أحسن تقويم فيجب اعتقاد ذلك لأنّه ذكر ذلك في القرءان الكريم.
أوّل ما خلق الله تعالى من البشر ءادم عليه السلام فقبل ءادم لم يكن إنسان، قال تعالى في سورة النساء: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَازَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء}.
فسّر العلماء هذه النفس الواحدة بآدم عليه السلام وذكروا ذلك في تفاسيرهم (كتفسير زاد المسير والبحر المحيط وتفسير النسفي والطبري) وقالوا بأنّ المعنى وبثّ منهما رجالا كثيرا ونساء أي أنّ الله تعالى من ءادم وحواء بثّ بقية البشر فقبل آدم لم يكن بشر كما ذكر أبو حيان في تفسيره فمن قال كان قبل آدم مائة ألف آدم فقد كذب بدليل أنّ سيدنا محمدا أخبر في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم "أنّ الناس يوم القيامة يذهبون إلى آدم فيقولون يا آدم أنت أبو البشر" فلو كان هناك آدم غير آدم هذا لكان الرسول قال يذهبون إلى آدم الأول ثمّ إلى آدم الثاني ثم الثالث وهكذا إنما قال: "يذهبون إلى آدم فيقولون يا آدم أنت أبو البشر خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شىء فاشفع لنا إلى ربنا" فآدم عليه السلام من كرامته على الله علّمه أسماء كل شىء بدون دراسة على أحد قال تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا} ومن جملة مزاياه أنّ الله أمر الملائكة أن يسجدوا له تحية وإكراما لأنه خلق في الجنة أما تربته التي خلق منها أخذت من الأرض من أبيضها وأسودها وما بين ذلك وسهلها وحزنها وما بين ذلك فجاء بنوا آدم على قدر الأرض فيهم من هو أبيض ومن هو أسود ومن هو بين الأبيض والأسود وفيهم من هو دمث الأخلاق سهل قريب ومن هو جاف غليظ الطبع شرس الأخلاق لأنّ الأرض هكذا ليست على صفة واحدة.
وأما إسجاد الملائكة له ليعلمهم أنّ هذا الخلق الذي خلق الآن هو أفضل منهم مع أنّ الملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، يسبحون الليل والنهار لا يفترون ليسوا مثلنا لا يشغلهم نوم ولا جوع ولا عطش ما خلق الله فيهم داعية الأكل ولا داعية الشرب ولا داعية النوم ومع ذلك أمرهم بالسجود لآدم فسجدوا كلهم، أما إبليس وهو جني مخلوق من نار أبى أن يسجد لآدم اعترض على الله حتى قال كيف تأمرني أن أسجد لهذا الذي خلقته من طين وأنا خلقتني من نار، يعني النار أشرف من الطين فكيف أوْمر لهذا بأن أسجد لهذا الذي خلق من طين فكفر بعد أن كان مسلما واسمه عزازيل فسمّي إبليس من أبلس أي المطرود من الخير فآدم عليه السلام كان سويّ الخلقة طوله ستون ذراعا وعرضه سبعة أذرع وعلى مناسبة هذا الطول والعرض عيناه ويداه ورجلاه وفمه وأنفه .
كان من أجمل خلق الله كان طويل الشعر لم يكن محدودب الظهر لم يكن قصير القامة. الرسول صلى الله عليه وسلم قال عنه في الحديث الذي رواه البخاريّ وغيره:"إنّ أهل الجنّة على صورة أبيهم آدم ستون ذراعا في السماء في سبعة أذرع عرضا".
كما أنه كان جميل الصوت قال عليه الصلاة والسلام "ما بعث الله نبيا إلا حسن الوجه حسن الصوت وإنّ نبيكم أحسنهم وجها وأحسنهم صوتا" فالأنبياء كلهم جميلي الخلقة ليس فيهم دميم الوجه ولا قبيح الصوت وقد صحّ عن رسول الله أنه قال: "إذا سلمتم عليّ فسلموا على أنبياء الله فإنهم بعثوا كما بعثت".
فمن انتقص آدم أو استهزأ به في جد أو مزح فقد خرج من الإسلام كالذي ينتقص نبينا محمد أو إبراهيم أو موسى أو عيسى أو يونس بن متى أو غيرهم من الأنبياء فيجب أن لا يصدق على أي نبي أيّ خبر فيه طعن في واحد منهم صريح أو غير صريح.
مواضيع ذات صلة
|
|
|
|
|
|