[11][10][9][8][7][6][5][4][3][2][1]
ذكر النقول من المذاهب الأربعة وغيرها على أن أهل السنة يقولون: الله موجود بلا مكان ولاجهة
55 - وقال أيضا ما نصه (1):
"واعلموا أن مذهب أهل الحق: أن الرب
سبحانه وتعالى يتقدس عن شغل حيز، ويتنزه عن الاختصاص بجهة.
وذهبت المشبهة إلى أنه مختص بجهة
فوق، ثم افترقت ءاراؤهم بعد الاتفاق منهم على إثبات الجهة، فصار غلاة
المشبهة إلى
أن الرب تعالى مماس للصفحة العليا من العرش وهو مماسه، وجوزوا عليه التحول
والأنتقال وتبدل الجهات والحركات والسكنات، وقد حكينا جملا من فضائح
مذهبهم فيما
تقدم" اهـ.
56- وقال الفقيه المتكلم أبو سعيد
المتولي الشافعي الأشعري
(478 هـ) أحد أصحاب الوجوه في المذهب الشافعي ما نصه (2):
(ثبت بالدليل أنه لا يجوز أن يوصف ذاته- تعالى- بالحوادث، ولأن الجوهر
متحيز،
والحق تعالى لا يجوز أن يكون متحيزا" اهـ.
57- وقال أيضا ما نصه (3):
"والغرض من هذا الفصل نفي الحاجة إلى المحل والجهة خلافا للكرامية
والحشوية
الذين قالوا:" إن لله جهة فوق" اهـ
58- وقال اللغوي أبو القاسم الحسين
بن محمد المشهور بالراغب الأصفهاني (552 هـ) ما نصه (4): وقرب الله تعالى
من العبد
هو بالإفضال عليه والفيض لا بالمكان" اهـ.
59- وقال الشيخ أبو حامد محمد بن
محمد الغزالي الشافعي الاشعري (505 هـ) ما نصه (5): " (تعالى- أي الله- عن
أن
يحويه مكان، كما تقدس عن أن يحده زمان، بل كان قبل أن خلق الزمان والمكان
وهو الان
على ما عليه كان " اهـ.
60- وقال أيضا في كتابه "إحياء
علوم الدين) ما نصه (6): "الأصل السابع: العلم بأن الله تعالى منزه الذات
عن
الاختصاص بالجهات، فإن الجهة إما فوق وإما أسفل وإما يمين وإما شمال أو
قدّام أو
خلف، وهذه الجهات هو الذي خلقها وأحدثها بواسطة خلق الإنسان إذ خلق له
طرفين
أحدهما يعتمد على الأرض ويسمى رجلا، والاخر يقابله ويسمى رأسا، فحدث اسم
الفوق لما
يلي جهة الرأس واسم السفل لما يلي جهة الرِّجل، حتى إن النملة التي تدب
منكسة تحت
السقف تنقلب جهة الفوق في حقها تحت وإن كان في حقنا فوقًا. وخلق للإنسان
اليدين
وإحداهما أقوى من الأخرى في الغالب، فحدث اسم اليمين للأقوى واسم الشمال
لما
يقابله وتسمى الجهة التي تلي اليمين يمينا والأخرى شمالا، وخلق له جانبين
يبصر من
أحدهما ويتحرّك إليه فحدث اسم القدّام للجهة التي يتقدم إليها بالحركة
واسم الخلف
لما يقابلها، فالجهات حادثة بحدوث الإنسان. ثم قال: "فكيف كان في الأزل
مختصًا بجهة والجهة حادثة؟ أو كيف صار مختصا بجهة بعد أن لم يكن له؟ أبأن
خلق
العالم فوقه، ويتعالى عن أن يكون له فوق إذ تعالى أن يكون له رأس، والفوق
عبارة
عما يكون جهة الرأس، أو خلق العالم تحته، فتعالى عن أن يكون له تحت إذ
تعالى عن أن
يكون له رجل والتحت عبارة عما يلي جهة الرّجل: وكل ذلك مما يستحيل في
العقل ولأن
المعقول من كونه مختصّا بجهة أنه مختص بحيز اختصاص الجواهر أو مختص
بالجواهر
اختصاص العرض، وقد ظهر استحالة كونه جوهرا أو عرضا فاستحال كونه مختصًا
بالجهة:
وإن اريد بالجهة غير هذين المعنيين كان غلطا في الاسم مع المساعدة على
المعنى
ولأنه لو كان فوق العالم لكان محاذيا له، وكل محاذ لجسم فإما أن يكون مثله
أو أصغر
منه أو أكبر وكل ذلك تقدير محوج بالضرورة إلى مقدّر ويتعالى عنه الخالق
الواحد
المدبّر، فأما رفع الأيدي عند السؤال إلى جهة السماء فهو لأنها قبلة
الدعاء، وفيه
أيضا اشاره إلى ما هو وصف للمدعو من الجلال و الكبرياء تنبيها بقصد جهة
العلو على
صفة المجد والعلاء، فإنه تعالى فوق كل موجود بالقهر والاستيلاء" اهـ.
61- وقال (7) لسان المتكلمين الشيخ أبو المعين ميمون بن محمد النسفي (توفي 508 هـ) مانصه "القول بالمكان – اي في حق الله – منافيا للتوحيد" اهـ
62- وقال أيضا (7 مكرر):
"إنا
ثبتنا بالآية المحكمة التي لا تحتمل التأويل، وبالدلائل العقلية التي لا
احتمال
فيها أن تمكنه- سبحانه- في مكان مخصوص أو الأمكنة كلها محال " اهـ.
63- وقال الإمام أبو القاسم سليمان
(سلمان) بن ناصر الأنصاري النيسابوري (512 هـ) شارح كتاب "الإرشاد"
لإمام الحرمين بعد كلام في الاستدلال على نفي التحيز في الجهة عن الله
تعالى ما
نصه (8): "ثم نقول سبيل التوصل إلى درك المعلومات الأدلة دون الأوهام، ورب
أمر يتوصل العقل إلى ثبوته مع تقاعد الوهم عنه، وكيف يدرك العقل موجودا
يحاذي
العرش مع استحالة أن يكون مثل العرش في القدر أو دونه أو أكبر منه، وهذا
حكم كل
مختص بجهة" اهـ.
64- وقال أبو الوفاء علي بن عقيل
البغدادي شيخ الحنابلة في زمانه (513 هـ) ما نصه (9): "تعالى الله أن يكون
له
صفة تشغل الأمكنة، هذا عين التجسيم، وليس الحق بذي أجزاء وأبعاض يعالج
بها"
اهـ.
65- وقال الشيخ أبو نصر عبد الرحيم
بن عبد الكريم المعروف بابن القشيري (514هـ) الذي وصفه العلى عبد الرزاق
الطبسي
بامام الأئمة كما نقل ذلك الحافظ ابن عساكر في كتابه "تبيين كذب المفتري
" ما نصه (10): "فالرب إذا موصوف بالعلو وفوقية الرتبة والعظمة منزه عن
الكون في المكان " اهـ.
66- وقال القاضي الشيخ أبو الوليد
محمد بن أحمد قاضي الجماعة بقرطبة المعروف بابن رشد الجد المالكي (520 هـ)
ما نصه:
"ليس- الله- في مكان، فقد كان قبل أن يخلق المكان) اهـ. ذكره ابن الحاج
المالكي في كتابه "المدخل" (11).
67- وقال ابن رشد أيضا (12): "
فلا يقال أين ولا كيف ولا متى لأنه خالق الزمان والمكان" اهـ.
68- وقال أيضا ما نصه (13): وإضافته-
أي العرش- إلى الله تعالى إنما هو بمعنى التشريف له كما يقال: بيت الله
وحرمه، لا
أنه محل له وموضع لاستقراره" أ هـ.
وذكر ذلك أيضا الحافظ ابن حجر
العسقلاني في كتابه "فتح الباري (14) موافقا له ومقرا لكلامه.
69- وقال ابو الثناء محمود بن زيد اللاَّمشي الحنفي الماتريدي من
علماء ما وراء النهر (كان حيا
سنة 539 هـ) ما نصه
(15): "ثم إن الصانع جل وعلا وعز لا يوصف بالمكان لما مر أنه
لا مشابهة بينه تعالى وبين شىء من أجزاء العالم، فلو كان متمكنا بمكان لوقعت المشابهة بينه وبين
المكان من حيث المقدار لأن المكان كل متمكن قدر ما يتمكن فيه. والمشابهة
منتفية
بين الله تعالى وبين شيء
من أجزاء العالم لما ذكرنا من الدليل السمعي والعقلي، ولأن في القول
بالمكان قولا بقدم المكان أو بحدوث البارىء تعالى، وكل ذلك محالُ، لأنه لو كان لم يزل في المكان
لكان المكان قديم ازلي، ولو كان
ولا مكان ثم خلق المكان وتمكن
فيه لتغير عن حاله ولحدثت فيه صفة التمكن بعد أن لم تكن، وقبول الحوادث من أمارات الحدث، وهو على القدير محالٌ" اهـ.
70- وقال المحدث أبو حفص
نجم الدين عمر بن محمد النسفي الحنفي (537 هـ) صاحب العقيدة المشهورة بـ
"العقيدة النسفية " ما
نصه (16): "والمحدث للعالم هو الله تعالى، لا يوصف بالماهية ولا بالكيفية ولا يتمكن في مكان " انتهى باختصار.
71- وقال
أيضا ما نصه (17): "وقد وَرد
الدليلُ السمعيُّ بايجاب رؤية المؤمنين اللهَ تعالى في دار الآخرة، فيُرى لا في مكان، ولا
على جهة من مقابلة أو اتصال شعاع
أو ثبوتِ مسافة بين الرائي وبين الله
تعالى" اهـ.
72- وقال القاضي أبو بكر بن العربي
المالكي . الأندلسي
(543 هـ) ما نصه
(18): "البارىء تعالى يتقدس عن ان يحد بالجهات أو تكتنفه الأقطار" اهـ.
73- وقال
أيضا ما نصه (19): "إن الله سبحانه منزه عن الحركة والانتقال لأنه لا يحويه
مكان كما لا يشتمل عليه زمان، ولا يشغل حيزا كما لا يدنو إلى مسافة بشىء، متقدس الذات عن الآفات منزه عن التغيير، وهذه
عقيدة مستقرة في القلوب ثابتة بواضح الدليل" اهـ.
74- وقال أيضا ما نصه (20):
"الله تعالى يتقدس عن أن يحد بالجهات "
75- وقال
أيضا ما نصه (21): "وان علم
الله لا يحل في مكان ولا ينتسب إلى جهة، كما أنه سبحانه كذلك، لكنه يعلم
كل شىء في
كل موضع وعلى كل حال، فما كان فهو بعلم الله لا يشذ عنه شىء ولا يعزب
عن علمه
موجود ولا معدوم، والمقصود من الخبر أن نسبة البارىء من الجهات إلى فوق
كنسبته إلى
تحت، إذ لا ينسب إلى الكون في واحدة منهما بذاته " اهـ.
76- وقال
القاضي عياض بن موسى المالكي (544 ) ما نصه (22): "اعلم أن ما وقع من إضافة الدنو والقرب هنا من الله او إلى الله فليس بدنو مكان
ولا قرب مدى، بل
كما ذكرنا عن جعفر بن محمد الصادق: ليس بدنو حد، صفة المجد
والعلاء، فإنه تعالى فوق كل موجود بالقهر والاستيلاء" اهـ.
77 -
وقال الشيخ محمد بن عبد الكريم الشهرستاني الشافعي (548هـ) ما نصه (23): "فمذهب أهل الحق أن الله
سبحانه لا يشبه شيئا من المخلوقات ولا يشبهه شىء منها بوجه من وجوه
المشابهة
والمماثلة"لَيْسَ
كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ" ( سورة الشورى/11). فليس
البارىء سبحانه بجوهر
ولا جسم ولا عرض ولا في مكان ولا في زمان " اهـ.
78- وقال الشيخ سراج الدين
علي بن عثمان الأوشي الحنفي (569 هـ) مانصه (24):
"نسمي
الله شيئا لا كالأشياء وذاتا عن الجهات الست خالي " اهـ
أي أن الله تعالى لا يحتاج إلى جهة
ولا إلى مكان يحلُّ به لأنه خالق الأماكن
والجهات. ومعنى الشىء: الثابت الوجود، قال الله تعالى:" قُلْ أَيُّ شَيْءٍ
أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ" (19) سورة الأنعام
79- وقال الحافظ المؤرخ أبو القاسم
علي بن الحسن بن هبة الله الشهير بابن عساكر الدمشقي (571 هـ) (25) في
بيان
عقيدته
التي هي عقيدة أبي
الحسن الأشعري نقلا عن القاضي أبي المعالي بن عبد الملك ما نصه: "قالت
النجارية: إن البارىء سبحانه بكل مكان من غير حلول ولا جهة. وقالت الحشوية
والمجسمة: إنه سبحانه حالّ.
في العرش وإن
العرش مكان له وهو جالس عليه - وهي عقيدة ابن تيمية
واتباعه الوهابية- فسلك طريقة بينهما فقال: كان ولا مكان فخلق العرش
والكرسي ولم
يحتج إلى مكان، وهو بعد خلق المكان كما كان قبل خلقه " اهـ.
80- وقال أيضا في تنزيه الله عن
المكان والجهة ما نصه (26):
"خـلـق السـمـاءكـمـايـشـاء بـلا دعـائـم مستقلة
لا لـلـتـحـيـزكـي تـكـون
لـذاتـه جـهـة مقله
رب عـلـى الـعـرش اسـتـوى قـهـرا ويـنـزل لابنقله "اهـ
81- وقال الشيخ إمام الصوفية
العارف بالله السيد أحمد
الرفاعي الشافعي الأشعري (578 هـ) ما نصه (27):
"وطهروا عقائدكم من تفسير معنى
الاستواء في حقه تعالى بالاستقرار، كاستواء الأجسام على الأجسام المستلزم
للحلول،
تعالى الله عن ذلك. وإياكم والقول بالفوقية والسفلية والمكان واليد والعين بالجارحة، والنزول
بالإتيان والانتقال، فإن كل ما جاء في الكتاب والسنة مما يدل ظاهره على ما
ذُكر فقد جاء في الكتاب والسنة مثله
مما يؤيد المقصود" اهـ.
82- وقال
أيضا ما نصه (28): "وقال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه: من قال لا أعرف
الله
أفي السماء هو أم في الأرض، فقد كفر، لأن هذا القول يوهم أن للحق مكانا،
ومن توهم
أن للحق مكانا فهو مشبه " اهـ.
83- وقال أيضا ما نصه (29):
"غاية المعرفة بالله الإيقان بوجوده تعالى بلا كيف
ولا مكان " اهـ.
=================================================
المراجع
(1) الشامل في أصول الدين (ص/ 511).
(2) الغنية قي أصول الدين (ص/83).
(3) المرجع السابق (ص/ 73).
(4) المفردات في غريب القرءان
(مادة: ق رب، س/ 399).
(5) إحياء علوم الدين: كتاب قواعد
العقاند، الفصل الأول (1/ 108).
(6) إحياء علوم الدين: كتاب قواعد
العقائد، الفصل الثالت، الاصل السابع (1/ 128).
(7 و 7 مكرر) تبصرة الأدلة
(1/ 171 و
182).
(8) شرح الإرشاد (ق/ 58- 59)،
مخطوط.
(9) الباز الأشهب: الحديث الحادي
عشر (ص/ 86).
(10) إتحاف السادة المتقين (108/2).
(11) المدخل: فصل في الاشتغال بالعلم
يوم الجمعة (149/2).
(12) المدخل: نصانح المريد (3/
181).
(13) المدخل: فصل في الاشتغال بالعلم
يوم الجمعة (149/2).
(14) فتح الباري (7/ 124).
(15) التمهيد لقواعد التوحيد (ص/ 62-
63).
(16) العقيدة النسفية (ضمن مجموع مهمات
المتون) (ص/28).
(17) المصدر السابق (ص/ 29).
(18) القبس في شرح موطأ مالك بن انس (1/396).
(19) المصدر السابق (1/289).
(20) المصدر السابق (1/395).
(21) عارضة الاحوذي بشرح سنن الترمذي (12/184).
(22) الشفا: فصل في حديث الاسراء (1/205).
(23) نهاية الأقدام (ص/ 103).
( 24) أنظر منظومتة بدء الأمالي (ضمن مجموع مهمات المتون)
(رقم البيت 7، ص/ 19).
(25) تبيين كذب المفتري (ص/
150).
(26) أنظر مقدمة تبيين كذب المفتري
للكوثري (ص/ 2).
(27) البرهان المؤيد (ص/17 و 18).
(28) المصدر السابق (ص/18).
(29) انظر كتاب حكم الشيخ احمد الرفاعي الكبير (ص/35 -36).